مختصون يؤكدون أهمية تكامل الجهود في صون التراث الإماراتي
الشارقة (الاتحاد)
شدد مختصون في الشأن التراثي على أهمية التكامل بين الجهود الفردية والمؤسسية في صون التراث الإماراتي، مؤكدين أن حماية الموروث الثقافي ليست مسؤولية جهة واحدة، بل ثمرة تعاون بين الباحثين والمهتمين من جهة، والمؤسسات الرسمية المعنية من جهة أخرى.جاء ذلك خلال جلسة نظمها معهد الشارقة للتراث بعنوان «حماية التراث الإماراتي.. التوجّه المؤسسي والعمل الفردي»، أقيمت ضمن فعاليات الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، بمشاركة كل من الدكتورة فاطمة المعمري، مدير إدارة التراث الثقافي المكلف في وزارة الثقافة، وعائشة الحصان الباحثة والناشرة، وفاطمة المنصوري المتخصصة في قطاع التراث. في مستهل الجلسة، أوضحت الدكتورة فاطمة المعمري أن التراث لا يمكن أن يُصان إلا من خلال من يتعمق في فهمه ويدرك قيمته، سواء كان باحثاً أكاديمياً أو هاوياً شغوفاً به، مؤكدة أن العمل التراثي يحتاج إلى مظلة مؤسسية تضمن استمراريته وتنظمه.
وأضافت: «التراث المادي يتطلب جهوداً في التنقيب والترميم، بينما غير المادي يحتاج إلى حماية من التشويه والتحريف مع تطويره بما يتناسب مع روح العصر». واعتبرت أن غياب الإطار المؤسسي يجعل العمل التراثي عرضة للفوضى والاندثار، مشيدة بجهود وزارة الثقافة ومعهد الشارقة للتراث في هذا المجال.
من جانبها، قالت عائشة الحصان، إن الجهود الفردية التي يبذلها الباحثون نابعة من شغف حقيقي، لكنها غالباً ما تفتقر إلى المنهجية العلمية، ما يجعلها قصيرة المدى وغير موثقة بالشكل الكافي، مشددة على ضرورة تكاملها مع المؤسسات الثقافية. وأشارت إلى أن «المؤسسات اليوم أصبحت تتبنّى مشاريع التراث وفق منهج أكاديمي واضح، بعدما كانت الجهود الفردية في الماضي هي السائدة». وأضافت: «من النماذج الرائدة في صون التراث الإماراتي ما قام به الراحل حمد بوشهاب في كتابه «أشياء من الماضي»، وأحمد راشد ثاني في جمع الحكايات الشعبية، وهما من أوائل من سعوا لحفظ الموروث من الاندثار». وأكدت عائشة الحصان أن السنوات الأخيرة شهدت مبادرات داعمة للباحثين الإماراتيين، إلى جانب برامج تدريب وتأهيل متخصصة في التواصل الاجتماعي للعاملين في نشر التراث، بما يحد من تشويهه على المنصات الرقمية. وبيّنت أن تنوّع البيئات الإماراتية – البحرية والصحراوية والجبلية والساحلية – يتطلّب وجود رابطة تجمع الباحثين لتوحيد المنهجية وضمان استدامة الجهود.
جهود مبكرة
أما فاطمة المنصوري، فأشادت بجهود معهد الشارقة للتراث الذي يشارك في معرض الشارقة الدولي للتراث بـ 1200 إصدار توثق مختلف جوانب التراث الإماراتي، مشيرة إلى أن تجربة الإمارات في هذا المجال تمتد لأكثر من خمسين عاماً. وقالت: «الوعي بأهمية التراث في الإمارات وُلد مبكراً جداً، وقد تُوّج بافتتاح متاحف نوعية، لتواصل الدولة مسيرتها المؤسسية في حفظ تراثها المادي والمعنوي». وأضافت أن الجهود الفردية في السبعينيات كانت اللبنة الأولى لحركة الحفاظ على التراث، إذ بادر عدد من الباحثين والمبدعين إلى جمع الموروث الشعبي وحمايته من الاندثار، قبل أن تتولى المؤسسات الثقافية ترسيخ هذه الجهود عبر تشريعات وقوانين وبرامج بحثية، ليغدو التراث اليوم ركيزة من ركائز الهوية الوطنية الإماراتية.
