يقسم غزة لمنطقتين حمراء وخضراء.. «ذا غارديان» تكشف تفاصيل مشروع القرار الأميركي أمام مجلس الأمن
يقسم غزة لمنطقتين حمراء وخضراء.. «ذا غارديان» تكشف تفاصيل مشروع القرار الأميركي أمام مجلس الأمن
القاهرة – بوابة الوسط: ترجمة هبة هشام السبت 15 نوفمبر 2025, 01:38 مساء
كشفت جريدة «ذا غارديان» البريطانية بعض تفاصيل مشروع القرار الأميركي المقترح أمام مجلس الأمن بشأن غزة، تقضي بتقسيم دائم للقطاع إلى «منطقة خضراء» تكون تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية والدولية، وستبدأ بها مشاريع إعادة الإعمار، و«منطقة حمراء» ستترك في حالة خراب.
ونقلت الجريدة، أمس الجمعة عن وثائق التخطيط العسكري الأميركي اطلعت عليها ومصادر مطلعة، أنه «سيجري نشر قوات أجنبية إلى جانب أخرى إسرائيلية في شرق غزة»، مما يترك القطاع المدمر منقسما بواسطة «الخطوط الصفراء» التي وضعها الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب خريطة نشرتها الجريدة، تشمل «المناطق الخضراء» تلك الواقعة غرب الخط الأصفر الذي رسمه الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك بيت حنون شمالا ورفح جنوبا، بينما تشمل «المناطق الحمراء» مدينة غزة ودير البلح وخان يونس.
نفويض لنشر قوة استقرار دولية
تأمل الإدارة الأميركية أن يصادق مجلس الأمن الدولي، في جلسة تنعقد الإثنين المقبل، على مشروع قرار يمنح تفويضا رسميا لنشر قوة استقرار دولية في قطاع غزة، بموجب خطة السلام التي أعلنها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الشهر الماضي.
– «فرانس برس»: مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار أميركي بشأن غزة الإثنين
– روسيا تقترح مشروع قرار أمميًا بديلاً بشأن خطة السلام في غزة
– تقرير يتّهم 25 دولة بـ«التواطؤ» في «إبادة جماعية» لتزويدها «إسرائيل» بالنفط خلال حرب غزة
وتقترح الخطط التي وضعتها القيادة العسكرية الأميركية «سنتكوم» نشر قوات أوروبية في غزة، بما في ذلك 1500 جندي بريطاني يتمتعون بخبرات في تفكيك القنابل والإسعاف العسكري، وألف جندي فرنسي يتولون تطهير الطرق والأمن، بالإضافة إلى نشر قوات من ألمانيا وهولندا ودول الشمال الأوروبي تتولى إدارة المستشفيات الميدانية والأمور اللوجستية والاستخباراتية، على أن تتولى الأردن نشر مئات من قوات المشاة، وما يصل إلى ثلاثة آلاف شرطي، على الرغم من تأكيد العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، أن بلاده لا تعتزم إرسال أي قوات عسكرية إلى غزة.
وبحسب الوثائق أيضا، ستعمل قوة الاستقرار الدولية في «المناطق الخضراء» فقط، مع نشر فرق صغيرة، قوامها بضع مئات من الجنود، في مناطق محدودة، لتتوسع تدريجيا وببطء إلى قوة قوامها 20 ألف جندي. ولن تعمل تلك القوة على الجانب الغربي من «الخط الأصفر»، وهي المنطقة التي تنتشر فيها حركة «حماس»، إذ أكد مسؤول أميركي أن «قوة الاستقرار الدولية لن تغادر المنطقة الخضراء».
غير أن مصادر «ذا غارديان» وصفت الخطط الأميركية بـ«الوهمية». وقال مسؤول أميركي: «الأرقام المشمولة في الوثائق الأميركية تحمل الكثير من عدم الدقة»، مضيفا: «لا يمكن أن تتوقع واشنطن أن تشكل القوات الأميركية جوهر قوة الاستقرار الدولية»، بينما قال آخر، تحدث إلى الجريدة شريطة عدم الكشف عن هويته: «من الناحية المثالية، نفضل أن نكون كل شيء مكتملا، أليس كذلك؟ لكن في الواقع سيستغرق الأمر وقتا طويلا، ولن يكون سهلا».
تقسيم غزة بشكل دائم
رسمت وثيقة أميركية أخرى خطط نشر قوات أجنبية تتولى إدارة المعابر، بعد دمج قوات إسرائيلية متمركزة في مناطق من القطاع، وهي مهمة ستثير على الأرجح قلق الدول التي ستسهم بقوات عسكرية، بحسب «ذا غارديان». وتنص الوثيقة على «أن يدرس الجيش الإسرائيلي الظروف المناسبة للانسحاب في مرحلة لاحقة»، دون وضع أي إطار زمني للانسحاب الإسرائيلي من القطاع.
وفي حين تصف خطة ترامب للسلام قوة الشرطة الفلسطينية الجديد بـ«الحل الأمني الدائم في غزة»، فإن الخطط التي وضعتها «سنتكوم» منحتها دورا محدودا في المستقبل، حيث تقضي بتشكيل قوة صغيرة قوامها 200 عنصر في البداية، على يرتفع هذا العدد إلى قوة قوامها 3 أو 4 آلاف عنصر فقط. وقد استبعد ترامب إرسال أي قوات أميركية إلى غزة لتمهيد الطريق أمام انسحاب القوات الإسرائيلية أو تمويل عملية إعادة الإعمار.
وفيما يتعلق بتوحيد غزة، قال مسؤول أميركي: «توحيد غزة هو جزء من عملية تحريكها نحو الاستقرار والسلام الدائم والانتقال إلى الحكم المدني»، لكنه أضاف أنه «من المستحيل تحديد موعد حدوث ذلك».
إعادة الإعمار
أما جهود إعادة الإعمار، فقالت «ذا غارديان»: «الخطط العسكرية الأميركية ترى أن إعادة الإعمار داخل المناطق الخضراء جزءا من مسار غير محدد لتوحيد غزة من خلال إقناع المدنيين الفلسطينيين بالتحرك عبر خط السيطرة الإسرائيلي».
وقال مسؤول أميركي: «مع تقدم الوضع وتهيئة الظروف لإحراز تقدم ملموس في إعادة الإعمار، سيتحرك المدنيون في غزة إلى هناك (المناطق الخضراء)، وسيريدون ذلك. لا أحد يتحدث عن عملية عسكرية لفرض الأمر».
غير أن بناء «مناطق خضراء» في غزة، بحسب الجريدة، يثير مقارنات مع جهود مماثلة شهدتها العراق وأفغانستان، وكلاهما ارتبط بالفشل العسكري الأميركي.
تساؤلات خطيرة بشأن مستقبل غزة
تثير الخطط العسكرية الأميركية تساؤلات خطيرة بشأن التزام واشنطن بتحويل هدنة وقف إطلاق النار، المعلنة الشهر الماضي، إلى تسوية سياسية دائمة، مع حكم فلسطيني على كامل القطاع، وهو ما وعد به الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وتتغير الخطط المتعلقة بمستقبل غزة في وتيرة سريعة، مما يعكس، بحسب «ذا غارديان»، النهج الارتجالي لحل الصراع الأكثر تعقيدا وصعوبة في العالم. وكشف مسؤول أميركي أنه جرى التخلي عن خطط أعلنتها واشنطن لبناء ما أُطلق عليه «مجتمعات بديلة آمنة»، وهي عبارة عن مخيمات مسيجة لمجموعات صغيرة من الفلسطينيين.
وقالت منظمات إنسانية، التي سبق أن أثارت مخاوف عدة بشأن المخيمات البديلة، إنه لم يجر إخطارها بعد بأي تغيير في الخطط المعلنة. وتخشى «ذا غارديان» أنه «دون خطة عملية تحكم عمل قوات حفظ سلام دولية وإعادة الإعمار وانحساب القوات الإسرائيلية، فإن غزة معرضة للانزلاق إلى حالة من الفوضى والغموض بعد عامين من حرب مدمرة».
ولطالما حذر المفاوضون من وضع «اللاسلام واللاحرب» في غزة، الأمر الذي يعني هجمات إسرائيلية منتظمة واحتلالا ممتدا، دون حكم ذاتي فلسطيني وعمليات محدودة لإعادة إعمار القطاع المدمر.
