«حلم».. منصة تعزّز الصحة النفسية بالفن

خولة علي (أبوظبي) 

لم يعد الفن محصوراً في إطار الجماليات أو الإبداع الفردي، بل تحول إلى أداة علاجية وتربوية تعزز الثقة بالنفس وتفتح آفاقاً جديدة للاكتشاف، ومن هذا المنطلق، أطلقت الفنانة التشكيلية غدير الكتبي مشروع «حلم» في رأس الخيمة، ليكون منصة تجمع بين الإبداع والعلاج بالفن، وتوفر بيئة آمنة تحفز مختلف الفئات على خوض تجربة فنية تنعكس آثارها الإيجابية على حياتهم اليومية. 

تشير غدير الكتبي إلى أن الفن لم يعد مجرد مظهر جمالي، بل أصبح وسيلة علاجية فعالة تعكس حاجة إنسانية أساسية، قائلة «الفن بالنسبة لي لغة حياة، يمنح الإنسان مساحة للتعبير عن ذاته ويعيد له توازنه الداخلي وسط ضغوط الحياة اليومية، إنه أداة لتخفيف التوتر، وتحفيز الإبداع، وتنمية الحس الجمالي». وتوضح الكتبي أن هذا المفهوم دفعها لتأسيس مشروعها، ليصبح منصة تجمع مختلف الفئات وتشجعهم على ممارسة الفن كجزء من حياتهم اليومية.
شغف بالفن 
توضح الكتبي أنها رغم دراستها للهندسة المعمارية، شعرت منذ البداية بأن شغفها الحقيقي يكمن في الفن، قائلة: قررت أن أعيش شغفي مع الألوان والريشة، لأن الفن لا يقل أهمية عن أي علم أو تخصص آخر، فالإبداع يمكن أن يولد من أبسط تفاصيل الحياة اليومية، وهو يمنحنا الراحة والدهشة في آن واحد. وترى أن الفن يعلّم الصبر والانضباط، ويمنح القدرة على التواصل مع الآخرين، ما يعزز من قدرات المرء الاجتماعية والنفسية.

مشروع حلم 
وعن المشروع، تقول الكتبي: أسست المشروع لأنني أردت مكاناً آمناً ومشرقاً أشارك فيه شغفي بالفن، وأمنح الآخرين فرصة لاكتشاف مواهبهم وقدراتهم الداخلية، والهدف الأساسي أن يكون «حلم» بيتاً مفتوحاً للجميع، حيث يجد كل شخص ألوانه الخاصة وصوته المختلف بعيداً عن القيود أو الأحكام المسبقة، ويستشعر متعة الإبداع والحرية، والمشروع يركز على تعزيز الثقة بالنفس، وتحفيز التفكير الإبداعي عند المشاركين.

متعة وعلاج
تشير الكتبي إلى أن البرامج التي يقدمها «حلم» صُممت بعناية لتلبي احتياجات مختلف الفئات، قائلة: نقدم ورشاً فنية للأطفال واليافعين والنساء، إضافة إلى برامج العلاج بالفن ودورات في الألوان المائية والخزف والفسيفساء، كما وفرنا صناديق إبداعية للتجربة المنزلية ودورات مسجلة يمكن الوصول إليها عن بُعد. وتضيف: كل برنامج يجمع بين المتعة والتعلم والتعبير الحر، فنحن نسعى لأن يكون الفن ممارسة يومية وليس نشاطاً محصوراً في القاعات.
وترى الكتبي أن الأطفال يشكلون محوراً رئيساً في فلسفة المشروع، قائلة: نمنح الأطفال الأدوات والحرية ليجربوا، ونزرع فيهم فكرة أن الفن ليس مادة دراسية، بل أسلوب حياة، وحين يرى الطفل أن بإمكانه التعبير بحرية، يكتشف الجمال في التفاصيل الصغيرة، ويكبر وهو أكثر ثقة وإبداعاً، ليكبر وهو يمتلك أدوات التفكير الإبداعي وحل المشكلات والتعبير عن مشاعره بطريقة إيجابية. وتوضح الكتبي أن الإنجاز الحقيقي هو رؤية لمعة الفرح في عيون الأطفال والسيدات بعد أول لوحة، أو الابتسامة التي تملأ وجوههن حين ينجزن أعمالاً لم يحلمن بها من قبل.
وتشير غدير الكتبي، إلى أن التفاعل مع المشروع فاق توقعاتها، وتسعى دائماً لتوسيع الشراكات مع المدارس والمؤسسات لنشر الثقافة الفنية أكثر، وتطمح أن يتحول مشروعها إلى مركز متكامل للفنون ومنارة للإبداع، تأكيداً على أن الفن قادر على أن يشفي ويغير، ويضيء حياة الناس.