أزمة الكتاب المدرسي.. سوء إدارة أم شبكة فساد محصَّنة؟
أزمة الكتاب المدرسي.. سوء إدارة أم شبكة فساد محصَّنة؟
القاهرة – بوابة الوسط الثلاثاء 04 نوفمبر 2025, 08:14 مساء
لا يزال ملف طبعة الكتاب المدرسي للعام الدراسي 2025–2026 يثير جدلاً في الشارع الليبي، بعد نحو شهرين على انطلاق الدراسة وسط تأخيرات في التوريد، وتحقيقات حول شبهات فساد وصولًا إلى قرار النيابة حبس وزير التعليم المكلف وتجميد الملف.
وسبق أن قال مدير إدارة الإعلام بوزارة التربية والتعليم في حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة»، عبدالقادر بوشناف، في تصريح إلى «بوابة الوسط» إن لجنة العطاءات التابعة للوزارة تعاقدت مع 22 شركة، نصفها نفذ أعمال الطباعة في مصر وتركيا وإيطاليا، والنصف الآخر تلقى ثلاثة إنذارات متتالية بسبب التأخير، ثم فسِخت العقود بعد انتهاء المدة القانونية لطباعة الكتب.
في حين كشفت وثائق رسمية حصلت عليها «بوابة الوسط» أن تقديرات لجنة العطاءات بوزارة التعليم لمشروع طباعة الكتاب المدرسي تجاوزت 412.9 مليون دينار ليبي، تشمل تكاليف الطباعة والتوزيع والمتطلبات اللوجستية، بينما أوضح ديوان المحاسبة أن إجمالي العقود الفعلية لا يتجاوز 238 مليون دينار، ما ترك فجوة مالية تصل إلى نحو 175 مليون دينار.
وبين تضارب الأرقام وتعدد المسؤوليات، تبقى الحقيقة أن التلميذ الليبي هو الخاسر الأكبر، فيما يظل السؤال مفتوحًا: من المسؤول حقًا عن أزمة الكتاب المدرسي؟ وهل يكون الحل في دعم الطباعة الوطنية بدلًا من الهروب إلى الخارج كل عام؟
لغز شركة حديثة برأسمال لا يتجاوز 30 ألف دينار
الناشط السياسي حسام القماطي قال إن الأزمة بدأت منذ مطلع العام، حين ظهرت فجوة مالية تجاوزت 200 مليون دينار، مضيفًا: «منذ البداية حذرنا من فساد ضخم في الملف، واكتشفنا لاحقًا أن شركة حديثة التأسيس برأسمال لا يتجاوز 30 ألف دينار حصلت على عقد توريد ضخم بطريقة غير قانونية، بدعم من جهات نافذة».
وأضاف القماطي، في مداخلة مع برنامج «وسط الخبر» على قناة «الوسط» (Wtv)، أن الحل يكمن في التعامل مباشرة مع الشركة الإيطالية وتسديد المستحقات لها دون وسيط، خاصة أن الكتب مطبوعة وجاهزة في الميناء (ميناء جنوى) ريثما يجرى شحنها، لكنه أعاد الإشارة إلى ملف الفساد، و«الانهيار الكامل في الأجسام التنفيذية والقطاع المالي بالدولة الليبية»، مستشهدًا بأن مصرف ليبيا المركزي أجرى 3 تحويلات لطباعة الكتاب المدرسي، اثنان منها لشركة لحوم.
السكران: تحالف فساد كبير في ملف الكتاب المدرسي
من جانبه، أشار المحلل السياسي خالد موسى السكران إلى أن ملف الطباعة تحوّل من «منافسة تجارية بسيطة إلى شبكة معقدة من التحالفات»، متسائلًا: «لماذا لم تُحال التحقيقات منذ يناير إلى النائب العام؟ ولماذا تأخر العقاب حتى تفاقمت الأزمة؟».
وتابع السكران في مداخلة مع برنامج «وسط الخبر»: «هناك علامات استفهام كثيرة جدًا تطول شخصيات كثيرة. هناك أسماء نافذة جدًا في الحكومة، ومن المسؤولين في الدولة، هناك تحالف فساد كبير جدًا في هذه العملية».
– أزمة الكتاب المدرسي: مليونا طالب ليبي ينتظرون.. و«الحبس» يطال المقريف والعابد
– النيابة العامة تأمر بحبس وزير التعليم المكلف علي العابد بسبب طباعة الكتاب المدرسي
الشاعري يضع الحل في دعم الشركة الوطنية
أما المحلل السياسي معتصم الشاعري فحمّل سوء الإدارة مسؤولية الأزمة، مؤكدًا أن «الشركة العامة للورق والطباعة» المملوكة للدولة قادرة على طباعة الكتب داخل ليبيا لو جرى دعمها ماديًا ولوجستيًا، من خلال توفير المواد الخام، والآلات الخاصة بطباعة الكتب.
وقال في مداخلة على قناة «الوسط» (Wtv): «لدينا شركة وطنية قائمة وجاهزة ليست ملكًا لأشخاص، بل هي ملك للدولة الليبية تعتبر من الشركات المتعثرة وليست الشركات المنحلة، لكننا نصر على التعاقد مع مطابع خارجية»، على الرغم مما تسببه تلك العقود من إهدار للمال العام».
من جانبها تحدثت مديرة مدرسة الخالدات الثانوية سابقًا، إيمان بوسنينة، عن المعاناة المزمنة قائلة: «كل عام نبدأ الدراسة بلا كتب. ونُترك في مواجهة مع أولياء الأمور والطلاب» متابعة: «نحن كمديري مدارس نحاول حل هذه المشكلة بطرق معينة ونحاول التكيف مع هذا الخلل ببعض الطرق».
وأضافت بوسنينة في مداخلة مع برنامج «وسط الخبر» أن بعض الكتب التي طُبعت في الخارج تضمنت «أخطاء منهجية وأفكارًا دخيلة على المجتمع الليبي»، قائلة: «في السنوات الماضية جرى تمرير بعض الأفكار الغريبة عن مجتمعنا الليبي داخل الكتب بطريقة غير مباشرة، سواء في كتب المراحل الابتدائية أو في المراحل الثانوية. الشيء الثاني، كانت هناك أخطاء كبيرة جداً في بعض المناهج، خاصة في بعض الكتب الدينية. تضمنت بعض الأخطاء وجرى تداركها من بعض المختصين أو بطرق أخرى».
بنغازي تلجأ إلى خطة بديلة.. طباعة مذكرات
في حين وصف رئيس قسم الإعلام بمراقبة التربية والتعليم بنغازي وسام العشيبي، الوضع بأنه «أزمة حقيقية»، مشيرًا إلى أن تأخر التوزيع سبّب ارتباكًا في المدارس، ما اضطر المراقبة إلى اعتماد خطة بديلة بطباعة مذكرات مساعدة إلى حين وصول الكتب الرسمية، مؤيدًا في الوقت نفسه فكرة طباعة الكتاب المدرسي داخل ليبيا.
