الحرب في اليمن تلقي بظلال «كارثية» على قطاع التعليم
الحرب في اليمن تلقي بظلال «كارثية» على قطاع التعليم
القاهرة – بوابة الوسط الخميس 13 نوفمبر 2025, 08:42 صباحا
في خيمة تغطيها أقمشة مهترئة في فناء مدرسة حكومية في محافظة لحج قرب عدن، تشرح المدرسة اليمنية سعاد صالح قواعد اللغة العربية لأكثر من 100 تلميذ اكتظ بهم المكان الضيق الخانق، غالبيتهم دون زيّ أو كُتب مدرسية.
ورغم الظروف القاسية، يُعد هؤلاء التلاميذ في هذه المدينة الجنوبية الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، محظوظين مقارنة بحوالى 4.5 ملايين تلميذ، أي ربع عدد الأطفال في سن التعليم في اليمن، حرمتهم الحرب المستمرة في اليمن منذ أكثر من عشر سنوات من الذهاب إلى مدارسهم، بحسب منظمة «يونيسف»، وفق وكالة «فرانس برس».
عقبات عدة
ويواجه قطاع التعليم في اليمن البالغ عدد سكانه 40 مليون نسمة، عقبات عدة، من غياب المدرّسين الذين خاضوا في سبتمبر من العام 2024 إضرابا استمر تسعة أشهر بسبب تدنّي الرواتب وعدم استلامها، إلى تدمير قرابة ثلاثة آلاف مدرسة بشكل كلّي أو جزئي، بحسب أرقام اليونيسف في العام 2022، وصولا إلى غياب الكُتب المدرسية.
تعمل صالح متطوعة في مدرسة «الرباط الغربي»، كغالبية المدرّسات، بعدما هجرها المدرّسون النظاميون بحثا عن فرصة عمل توفر دخلا منتظما.
رواتب ضئيلة
تقول صالح لوكالة «فرانس برس»: «نعمل براتب ضئيل جدا، 50 ألف ريال يمني أي حوالى 30 دولارا؛ ماذا يفعل لنا هذا المبلغ في هذه الظروف؟».
– الموسيقى ملاذ تلاميذ اليمن من ويلات الحرب
– تحذيرات أممية من مجاعة تهدد ملايين البشر في 12 منطقة بينها غزة والسودان واليمن وسورية
يدرس أكثر من 1300 تلميذ، معظمهم نازحون من خارج عدن، في هذه المدرسة التي تضم مبنى صغيرا متهالكا وثماني كرافانات تُستخدم كفصول حول ساحة ترابية يعلوها الغبار.
افتراش الأرض
في كرافان معدني ملاصق، كان أكثر من 80 تلميذا يفترشون الأرض، بعضهم بلا أحذية، ومعظمهم يحملون حقائب تبرّعت بها جهات خيرية، ويتقاسمون الكتب.
ويدفع أولياء أمور هؤلاء التلاميذ ألفي ريال يمني شهريا (1.25 دولار) لتأمين رواتب المدرّسين المتطوعين.
وأدّت الحرب في اليمن إلى مقتل الآلاف منذ العام 2015، وأغرقت أفقر دول شبه الجزيرة العربية في إحدى أكثر الأزمات الإنسانية خطورة في العالم؛ حيث قسّمت البلاد إلى مناطق خاضعة للمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران وأخرى للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
هدنة طويلة
يعيش اليمن في ظل هدنة بدأت في أبريل من العام 2022 وصمدت إلى حدّ كبير رغم انتهاء مدّتها في أكتوبر من العام ذاته؛ ويعتمد التلاميذ، ومعظمهم يعانون بوضوح سوء التغذية، على عبوات بسكويت توفرها الأمم المتحدة صباحا لسدّ جوعهم.
وتعتمد كثير المدارس اليمنية على مدرّسات متطوعات يحصلن على أجورهن من أولياء أمور التلاميذ وسط عجز الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا عن دفع رواتب المدرّسين البالغة نحو 100 ألف ريال يمني (60 دولارا) منذ ثلاثة أشهر على الأقل.
مدارس سعودية
بعد عشر سنوات من تشكيلها تحالفا لإسقاط الحوثيين وإعادة تثبيت الحكومة بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء في العام 2014، أطلقت الرياض «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» الذي يموّل مشاريع بمئات الملايين من الدولارات، بينما تدفع من أجل السلام في هذا البلد الفقير.
ومن ضمنها، عشرات المشاريع في قطاع التعليم شملت تأهيل مدرّسات للالتحاق بالعملية التعليمية وإعادة تأهيل وبناء 31 مدرسة من بينها مدرسة «الحرم الجامعي» في عدن التي شيدها البرنامج السعودي في العام 2023 والتي تضم 14 فصلا دراسيا وتعمل على فترتين صباحية ومسائية.
واحتفى البرنامج السعودي نهاية أكتوبر الكاضي بتخريج 150 فتاة مؤهلة للتدريس في المناطق الريفية في أربع محافظات يمنية.
تنمية المجتمع اليمني
وقال مدير مكتب البرنامج السعودي في عدن أحمد المداخلي في كلمته خلال المناسبة: إن «السعودية ترى التعليم محركا أساسيا لتنمية المجتمع اليمني».
وأشار الخبير في السياسة السعودية في جامعة برمنغهام الإنكليزية عمر كريم إلى تغيير في أسلوب المساعدات السعودية لجارتها الجنوبية التي تمزقها الحرب والفقر.
وأضاف كريم في تصريحات لـ«فرانس برس»: «كانت المساعدات تُخصص في المقام الأول لزعماء القبائل لكسب النفوذ السياسي، أو لمسؤولين حكوميين لأسباب مماثلة، أو للمساعدة في شراء الأسلحة؛ أما الآن، فمن الواضح أنها تركز على تحسين مؤشر التنمية البشرية في اليمن».
وبالإضافة إلى المساعدات في قطاع التعليم، أعلن السعوديون توفير قرابة 12 مليار دولار منذ العام 2018 في شكل دعم نقدي للمصرف المركزي اليمني وعشرات المشاريع في قطاعات النقل والزراعة والصحة.
