«فوضى السلاح».. الأطفال في مرمى البنادق والمدافع بليبيا
«فوضى السلاح».. الأطفال في مرمى البنادق والمدافع بليبيا
القاهرة – بوابة الوسط الأربعاء 12 نوفمبر 2025, 07:48 مساء
تفاقم خطر انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة في ليبيا، وسط تحذيرات أممية من تحولها إلى وقود دائم للعنف المسلح والجريمة، في ظل فشل حظر توريد الأسلحة المفروض من مجلس الأمن، ما جعل الأطفال أكثر الفئات عرضة للنيران الطائشة ولانتهاكات جسيمة في مناطق النزاع.
وأكد تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن ليبيا ما زالت من الدول التي يشهد فيها انتشار الأسلحة وتسريبها وإساءة استخدامها تصاعدًا خطيرًا، على الرغم من القرارات الدولية المتكررة التي تحظر توريد السلاح إلى البلاد. وأوضح أن عمليات التهريب والتسريب مستمرة عبر الحدود وبين أيدي جماعات مسلحة، نتيجة ضعف الرقابة وهشاشة إدارة المخزون، ما يجعل هذه الأسلحة تنتقل بسهولة.
ثغرات في نظام العقوبات الدولية
وتكشف التطورات الأخيرة من ضبط لكميات من الذخائر من حين لآخر، ثغرات في نظام العقوبات الدولية على ليبيا، وتبرز استمرار تدفق السلاح على الرغم من قرارات مجلس الأمن، ما يثير تساؤلات حول دور بعض الدول والشركات الخاصة في الالتفاف على الحظر الأممي.
ووفقًا للتقرير الأممي الذي رفعه الأمين العام أنطونيو غوتيريس إلى مجلس الأمن، فإن «حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا ظل غير فعال»، مشيرًا إلى أن «الجهات المسلحة في ليبيا تمكنت من الحصول على الذخيرة والمعدات بطرق غير مشروعة، رغم خضوع سلاسل الإمداد لسيطرة دول أعضاء في الأمم المتحدة».
كما أشار فريق الخبراء المعني بليبيا إلى استمرار تدفق السلاح، وتورط شركات خاصة وشبكات تهريب عابرة للحدود في تزويد أطراف النزاع بالمعدات القتالية، الأمر الذي يقوض فرص الاستقرار ويهدد الأمن الوطني والإقليمي.
– فوضى السلاح مجددًا.. «الرصاص المنفلت» يفجع الليبيين في العيد
– سلامة: 23 مليون قطعة سلاح منتشرة في ليبيا
أنواع الأسحلة
وحذر مجلس الأمن من تصاعد استخدام الأسلحة الصغيرة والخفيفة في النزاعات الداخلية، مشيرا إلى أن الأسلحة الصغيرة والخفيفة هي أسلحة نارية مصممة ليحملها فرد أو طاقم صغير من الجنود، وتنقسم إلى قسمين رئيسيين: الأسلحة الصغيرة وتشمل المسدسات والبنادق والرشاشات الخفيفة، أما الأسلحة الخفيفة فهي أسلحة محمولة على الكتف أو بواسطة طاقم يتكون من فردين، وتتضمن قاذفات القنابل اليدوية والمدافع الرشاشة الثقيلة وقاذفات الصواريخ عديمة الارتداد.
وأوضح التقرير أن ليبيا تُعد من الدول التي تتسرب فيها هذه الأسلحة من مخزونات رسمية إلى جماعات مسلحة أو مهربين، مؤكدًا أن ضعف نظم التخزين وغياب الرقابة يجعل المخزونات نفسها «منبعًا رئيسيًا» لتسليح الجماعات غير الشرعية، بما فيها التنظيمات الإرهابية.
وأشار مجلس الأمن إلى أن الأطفال في ليبيا ضمن أكثر المتضررين من فوضى السلاح، إذ وثّقت الأمم المتحدة خلال العام الماضي مقتل أربعة أطفال وتشويه 18 آخرين بسبب المتفجرات ومخلفات الحرب وإطلاق النار المتبادل. كما أكد التقرير أن استخدام الأطفال في القتال والاختطاف والتجنيد القسري لا يزال مستمرًا، ما يستدعي تحركًا عاجلًا لوقف الانتهاكات.
وفي هذا السياق، رحب المجلس بالتزام حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» أمام الأمم المتحدة باعتماد تدابير لحماية الأطفال وإنهاء الانتهاكات الجسيمة ضدهم، بالتعاون مع الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة.
إجراءات عاجلة
وطالب مجلس الأمن الدول الأعضاء باتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز أمن المخازن العسكرية وإجراء تقييمات دورية للمخاطر، إلى جانب تدمير الأسلحة الفائضة لمنع تسريبها، مشيرًا إلى أن استمرار تدفق السلاح في ليبيا والمنطقة «يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن والسلم الدوليين».
كما كشف التقرير أن عام 2024 شهد ارتفاعًا كبيرًا في عدد الوفيات الناتجة عن استخدام الأسلحة الصغيرة، إذ سجلت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أكثر من 48 ألف حالة وفاة مرتبطة بالنزاعات، بزيادة بلغت 40% عن العام السابق، وكانت 6% منها بسبب الأسلحة الصغيرة والخفيفة، فيما جاءت أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في مقدمة المناطق الأكثر تضررًا.
ويؤكد خبراء أمميون أن وقف دوامة العنف في ليبيا لن يتحقق إلا عبر معالجة جذرية لفوضى السلاح، وتطبيق صارم لحظر التوريد، إلى جانب نزع الأسلحة من المجموعات المسلحة، بما يضمن حماية المدنيين والأطفال، ويعيد للدولة احتكارها الشرعي لاستخدام القوة.
