«ما هو الفن؟».. رحلة فكرية في جوهر الإبداع

سعد عبد الراضي (الشارقة)

صدر حديثاً عن «مؤسسة التفكير فنياً للنشر والثقافة والتعليم» الإصدار الثاني للفنان والكاتب الإماراتي سالم الجنيبي بعنوان «ما هو الفن؟»، باللغتين العربية والإنجليزية، في عمل فكري ونقدي يعيد طرح سؤال الفن بوصفه فعلاً معرفياً وإنسانياً متجدداً يتجاوز التعريفات التقليدية.
يشكّل الكتاب رحلة تأملية في مفهوم الفن وتعدّد أبعاده، حيث يستعرض المؤلف رؤى فنانين إماراتيين من أجيال مختلفة حول التجربة الجمالية، ليقدّم الفن ككائن متحوّل يتجدّد بتغيّر الزمان والمكان. ويرى الجنيبي أن الفن فعل تفكير ووعي، ومرآة تعكس علاقة الإنسان بذاته ومجتمعه والعالم من حوله.
يقول المؤلف: «الكتاب ينسج تحليلاً ثلاثي الأبعاد لمفهوم الفن، متناولاً إدراكه الذاتي، وصلته بالمجتمع، وطاقته في تجاوز الأطر المألوفة نحو فضاءات أرحب من التعبير. ومن خلال تداخل البعد الروحي بالجمالي والإنساني، يصبح الفن ساحة لتمظهر الذات واكتشاف الوجود، ومجالاً لإعادة صياغة العلاقة بين الفكر والإبداع».
ويقدّم الجنيبي عمله الجديد بوصفه وثيقة نقدية معاصرة تجمع بين الفلسفة والتحليل الثقافي، تكشف عن ثراء المشهد الفني الإماراتي وتنوّعه، وتطرح سؤال «ما هو الفن؟» كقضية إنسانية شاملة تتجاوز الخصوصيات المحلية لتلامس جوهر الإبداع الإنساني في كل الأزمنة.
ويضيف الجنيبي أن الكتاب يتتبع مسيرة الفن الإماراتي كحركة فكرية وثقافية جمعت بين الأصالة والانفتاح؛ إذ رأى الجيل الأول في الفن وسيلة لترسيخ الهوية الوطنية والتفاعل مع قضايا المجتمع، بينما جعل الجيل الثاني من الفن رحلة داخلية نحو الذات، حيث يغدو العمل الفني تعبيراً صادقاً عن التجربة الإنسانية. أما الأجيال اللاحقة، فقد بلورت رؤية جديدة جعلت من الفن الإماراتي لغة عالمية تعبّر عن روح المكان بوسائط معاصرة وتبني جسوراً بين الثقافات.
ويؤكد الجنيبي أن الفن الإماراتي اليوم ممارسة فكرية وجمالية تتجاوز حدود التعبير البصري، ليغدو فعلاً معرفياً يُعيد تشكيل الوعي ويوازن بين الجذور والابتكار، ليقدّم رسالة إنسانية تُعمّق الوجدان وتوثّق التحولات الثقافية والاجتماعية في الدولة.