الإمارات تواصل حضورها العلمي في القارة القطبية الجنوبية ضمن البعثة البلغارية الـ34
فارنا (وام)
تواصل دولة الإمارات حضورها العلمي في القارة القطبية الجنوبية للعام الثاني على التوالي، من خلال مشاركتها ضمن البعثة البلغارية الرابعة والثلاثين، وذلك في إطار برنامج الإمارات القطبي الذي يُعنى بتعزيز مشاركة الدولة في الأبحاث القطبية الدولية، بالتعاون مع المعهد البلغاري للقطب الجنوبي.
وبحضور الدكتور عبدالله المندوس رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومدير عام المركز الوطني للأرصاد وعضو اللجنة التوجيهية لبرنامج الإمارات القطبي، انطلقت من ميناء فارنا في جمهورية بلغاريا سفينة الأبحاث البلغارية سانت سايريل وميثوديوس إيذاناً ببدء موسم الأبحاث البلغارية الرابعة والثلاثين إلى القارة القطبية الجنوبية أنتاركتيكا، بمشاركة فريق علمي إماراتي للعام الثاني على التوالي ضمن إطار برنامج الإمارات القطبي.
وجاءت مراسم الانطلاق بدعوة رسمية من البروفيسور كريستو بيمبيريف، مدير المعهد البلغاري للقطب الجنوبي، الذي أعرب عن سعادته بتطور الشراكة العلمية مع دولة الإمارات، مشيراً إلى أن الفريق الإماراتي سيواصل العمل من خلال مختبرات الإمارات في القاعدة البلغارية في القارة القطبية حيث سيتم هذا العام تطوير وترقية المشاريع البحثية المنفذة ضمن برنامج الإمارات القطبي الذي أطلق عام 2024 بهدف بناء القدرات الوطنية في علوم القطبين وتعزيز إسهام الدولة في الأبحاث المناخية العالمية.
وتعد سفينة الأبحاث البلغارية سانت سايريل وميثوديوس إحدى المنصات البحثية الأوروبية متعددة المهام، إذ توفر دعماً علمياً ولوجستياً للبعثة البلغارية خلال رحلتها إلى أنتاركتيكا التي تستغرق نحو خمسين يوماً قبل وصولها إلى ميناء بونتا أريناس في جمهورية تشيلي، تمهيداً لبدء موسم الأبحاث في جزيرة ليفينغستون مطلع يناير 2026.
ويضم الفريق الإماراتي المشارك في هذا الموسم أحمد الكعبي وبدر العامري من المركز الوطني للأرصاد وعمر العطاس من جامعة خليفة وعبدالله الرئيسي من جامعة أبوظبي بوليتكنيك.
وقد تم تجهيز وإعداد الفريق علمياً وفنياً للمشاركة في تنفيذ مجموعة من المشاريع البحثية المتقدمة التي تم تجهيزها وشحنها على متن سفينة الأبحاث البلغارية، وتشمل مختبرات الإمارات القطبية لدعم التجارب الميدانية ومحطة أبحاث أرصاد جوية لمراقبة المتغيرات المناخية في الغلاف الجوي، ومحطة مد وجزر لقياس معدلات ذوبان الجليد وارتفاع مستوى البحر وتوفير مؤشرات مبكرة لموجات التسونامي، ومعدات متقدمة لقياس غاز الميثان في التربة الصقيعية والرواسب الجليدية.
ونفذ فريق المركز الوطني للأرصاد، ضمن برنامج الإمارات القطبي خلال الفترة الماضية، برنامجاً تعريفياً استهدف خمس مؤسسات أكاديمية محلية بمشاركة نحو 750 طالباً وطالبة، بهدف نقل المعرفة العلمية وتعزيز ثقافة البحث في مجالات المناخ والبيئة.
وفي مدينة فارنا في جمهورية بلغاريا، شارك الفريق الإماراتي في ورشة تدريبية علمية مشتركة مع المعهد البلغاري تضمنت عرض المشاريع الجديدة وتبادل الخبرات حول طرق الرصد والقياس في البيئات القطبية، وإجراء الفحوصات الطبية الأولية، واختتم الفريق زيارته الرسمية إلى بلغاريا في 23 أكتوبر بعد استكمال مرحلة التدريب والتجهيز العملي تمهيداً للمشاركة الميدانية في القارة القطبية.
ومن المقرر أن يتوجه الفريق الإماراتي إلى مدينة بونتا أريناس في جمهورية تشيلي في 15 ديسمبر للانضمام إلى البعثة البلغارية استعداداً للإبحار نحو القاعدة البلغارية في جزيرة ليفينغستون، عبر الإبحار في ممر دريك البحري لمدة خمسة أيام، ومن المتوقع الوصول الى أنتاركتيكا وتحديداً القاعدة البلغارية في مطلع يناير 2026.
وبهذه المناسبة، قالت معالي مريم بنت محمد المهيري، رئيسة مكتب العلاقات الدولية في ديوان الرئاسة، ورئيسة لجنة بعثة برنامج الإمارات الى القطبين: تأتي البعثة الإماراتية المشتركة ضمن برنامج الإمارات القطبي لتجسد التزام دولة الإمارات بالدبلوماسية العلمية وتعزيز التعاون الدولي في مجالات البحث والابتكار، ويؤكد هذا التعاون مع جمهورية بلغاريا حرص الدولة على بناء جسور المعرفة وتبادل الخبرات العلمية، وترسيخ مكانتها كشريك فاعل في الجهود العالمية الرامية إلى بناء مستقبل أكثر استدامة وتقدماً للبشرية.
ومن جانبه، أكد الدكتور عبدالله المندوس، رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، ومدير المركز الوطني للأرصاد، خلال مراسم تدشين السفينة، أن مشاركة دولة الإمارات في هذه البعثة تأتي ضمن رؤية استراتيجية، تهدف إلى توظيف المعرفة العلمية في خدمة المجتمعات وتعزيز الاستجابة العالمية لتحديات تغير المناخ؛ وقال: إن استمرار مشاركة الفريق الإماراتي للعام الثاني على التوالي في القارة القطبية الجنوبية يجسد التزام الدولة بالدبلوماسية العلمية، القائمة على العمل الميداني، وتبادل الخبرات، وبناء شراكات دولية فاعلة، فالقارة القطبية تُعد نظاماً بيئياً حساساً ذا تأثير مباشر على المناخ العالمي، ودراسة التغيرات التي تطرأ عليها تُعد ضرورية لفهم التحولات المناخية المتسارعة التي يواجهها العالم؛ ومن هذا المنطلق، نواصل دعم المبادرات الهادفة إلى تطوير أنظمة الإنذار المبكر، بما يسهم في حماية الأرواح والممتلكات.
وأضاف: يمثل تعاوننا المستمر مع المعهد البلغاري للأبحاث القطبية نموذجاً عملياً لشراكة علمية قائمة على تبادل المعرفة والبحث الميداني، وأثمر هذا التعاون في العام الماضي عن تركيب أول محطتين عربيتين لرصد الأحوال الجوية والنشاط الزلزالي في أنتاركتيكا، في إنجاز نوعي يعزز الحضور العلمي العربي في هذه المنطقة الحيوية، ويُعد خطوة محورية في دعم الأبحاث المتعلقة بالغلاف الجليدي والنظم البيئية المتأثرة بتغير المناخ.
وقال البروفيسور إبراهيم الحجري، رئيس جامعة خليفة: تفخر جامعة خليفة بمشاركة طالبها في هذه البعثة الدولية، وبمساهماتها البحثية في مجال الأبحاث القطبية وخاصة استضافتها لمركز البحوث القطبية كجزء من برنامج الإمارات القطبي، والتي تهدف إلى دعم ريادة الدولة في مجال العلوم القطبية والتطبيقات العملية من خلال الاكتشافات العلمية في القطبين.
وأضاف أن هذه المشاركة تأتي في إطار دعم الجامعة للكوادر الإماراتية في مختلف المجالات العلمية والبحثية وتمكينها للمساهمة في تعزيز مستوى التميز الذي تحظى به الدولة في مجالات البحوث لإيجاد حلول مبتكرة لمشاكل عالمية، ودراسة المناخ وتحقيق رؤية الدولة في مواجهة التغير المناخي والاستدامة البيئية، مبدياً تطلعه إلى نتائج هذه الرحلة إلى أنتارتيكا وما ستساهم به من تطور وإنجازات بحثية وعلمية.
وتؤكد دولة الإمارات من خلال مشاركتها في الأبحاث القطبية التزامها الراسخ بدعم الجهود الدولية لمواجهة التغير المناخي، وتعزيز المعرفة العلمية بالمناطق الحساسة من كوكب الأرض. ويعكس هذا الحضور العلمي المتنامي طموح الدولة في أن تكون في طليعة الدول الرائدة في مجالات المناخ والاستدامة والابتكار البيئي، إلى جانب حرصها المستمر على تمكين الكوادر الوطنية، وتأهيل جيل من الباحثين والعلماء الإماراتيين القادرين على المساهمة في صناعة مستقبل علمي مستدام يخدم البشرية جمعاء.
