أدلة أممية على تعذيب أسرى غزة.. و«ذا غارديان» تفضح جرائم «إسرائيل» في أعماق سجن «راكيفيت»
أدلة أممية على تعذيب أسرى غزة.. و«ذا غارديان» تفضح جرائم «إسرائيل» في أعماق سجن «راكيفيت»
القاهرة – بوابة الوسط الإثنين 10 نوفمبر 2025, 01:08 مساء
أكدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي وجود أدلة تظهر تعذيب أسرى فلسطينيين من غزة منذ فبراير من العام 2024.
وقالت ألبانيزي في تصريح صحفي اليوم: إن «إسرائيل تبقى بمنأى عن المساءلة تجاه هذه الجرائم، وفق وكالة «وفا».
جاء ذلك بعد يومين من تقرير حصري نشرته جريدة «ذا غارديان» البريطانية السبت حول التعذيب الممنهج الذي يعانيه الأسرى الفلسطينيون في أعماق سجن «راكيفيت» الإسرائيلي تحت الأرض، وفق شهادات نقلتها الجريدة عن محامين زاروا السجن، والذي يعني «زهرة بخور مريم» باللغة العبرية.
تقول الجريدة: «تحتجز إسرائيل عشرات الفلسطينيين من غزة معزولين في سجن تحت الأرض حيث لا يرون ضوء النهار أبدا، ويُحرمون من الطعام الكافي ويُمنعون من تلقي أخبار عن عائلاتهم أو العالم الخارجي».
ومن بين المعتقلين مدنيان على الأقل احتُجزا لعدة أشهر دون تهمة أو محاكمة، أحدهما ممرض فلسطيني يبلغ من العمر 34 عاما جرى احتجازه أثناء عمله في أحد المستشفيات في ديسمبر من العام 2023، والآخر تاجر فلسطيني يبلغ من العمر 18 عاما، واُعتقل في أكتوبر من العام 2024 أثناء مروره عبر نقطة تفتيش إسرائيلية»، وفق محامين من اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في «إسرائيل» والمعروفة باسم «بكاتي».
نُقل الرجلان إلى سجن «راكيفيت» تحت الأرض في يناير من العام 2025، وتعرضا للضرب والعنف والتعذيب بشكل منتظم بما يتفق مع التعذيب الممنهج الذي يمارس في مراكز اعتقال إسرائيلية أخرى، قبل إطلاق التاجر المراهقي في 13 أكتوبر الماضي.
سجن «راكيفيت» تحت الأرض
شيدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي سجن «راكيفيت» في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، لإيواء مجموعة من أخطر شخصيات الجريمة المنظمة في «إسرائيل»، لكنه أُغلق بعد بضع سنوات باعتباره «غير إنساني»، قبل أن يأمر وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير بإعادته إلى الخدمة خلال حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة في 7 أكتوبر من العام 2023.
وتقع زنازين السجن وساحة التمارين الصغيرة وغرفة اجتماعات المحامين تحت الأرض، لذلك يعيش النزلاء دون أي ضوء طبيعي، حيث جرى تصميم السجن في البداية لاستيعاب عدد صغير من السجناء الذين يحتاجون إلى حراسة شديدة داخل زنازين فردية، وكان يٌحتجز به 15 سجينا إسرائيليا عندما أُغلق في العام 1985.
مذكرات رئيس مصلحة السجون الإسرائيلية
تقول «ذا غارديان»: «لجأ الفريق القانوني إلى أرشيفات وسائل الإعلام القديمة ومذكرات رئيس مصلحة السجون الإسرائيلية في منتصف الثمانينيات رافائيل سويسا لمعرفة مزيد التفاصيل عن السجن؛ حيث كتب سويسا أن الاحتجاز تحت الأرض 24 ساعة طوال أيام الأسبوع هو أمر قاس للغاية وغير إنساني للغاية، ولا يمكن لأي شخص تحمله، بغض النظر عن أفعاله».
ظروف مروعة
وفي الأشهر الأخيرة، جرى حبس حوالي 100 معتقل فلسطيني هناك، وفق البيانات التي حصلت عليها «ذا غارديان» من «بكاتي».
تقول «ذا غارديان»: «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى في 10 أكتوبر الماضي، أطلقت إسرائيل سراح 250 سجيناً فلسطينيا أدينوا في محاكم إسرائيلية، و1700 معتقل فلسطيني من غزة كانوا محتجزين لأجل غير مسمى دون تهمة أو محاكمة».
وتتابع: «على الرغم من ذلك، فإن حجم الاعتقالات واسع جدا، ولا يزال حوالي 1000 آخرين محتجزين لدى إسرائيل في ظل نفس الظروف التي يعانيها المحتجزون الفلسطينيون في سجن راكيفيت، بما في ذلك الممرض الذي تتولى بكاتي قضيته».
وتشير البيانات الإسرائيلية السرية إلى أن غالبية الفلسطينيين الذين جرى أسرهم في غزة خلال الحرب كانوا من المدنيين، بحسب «ذا غارديان».
– «ذا غارديان»: هكذا تخطط «إسرائيل» لتشديد حصار غزة بـ«خطة الجحيم»
– «ذا غارديان» تكشف جرائم «إسرائيل» بحق الفلسطينيين في مواقع توزيع الغذاء بغزة
– «ذا غارديان»: خمسة من كل ستة فلسطينيين قتلهم الاحتلال في غزة «مدنيون»
يقول المدير التنفيذي لـ«بكاتي» تال شتاينر: إن «ظروف المعتقلين الفلسطينيين في جميع السجون الإسرائيلية مروعة، واحتجاز الأشخاص تحت الأرض دون ضوء النهار لعدة أشهر متتالية له آثار وخيمة على الصحة النفسية، ومن الصعب جدا أن تظل سليما عندما تكون محتجزا في مثل هذه الظروف القمعية والصعبة».
المتطرف بين غفير
وعلى الرغم من عمله كمحامي في مجال حقوق الإنسان، وزيارته للسجون في مجمع الرملة، حيث يقع ركيفيت»، لم يسمع شتاينر عن السجن تحت الأرض قبل أن يأمر المتطرف بن غير بإعادته إلى الخدمة.
ويقول شتاينر: «في هذا الصيف، طلب من محامي اللجنة العامة لمناهضة التعذيب أن يمثلوا رجلين محتجزين في السجن تحت الأرض، فتمكن جنان عبده، محامي اللجنة العامة لمناهضة التعذيب وزميل له من مقابلة أحد المعتقلين للمرة الأولى».
ويتابع: نقل حراس أمن ملثمين ومدججين بالسلاح عبده وزميله إلى غرفة تحت الأرض عبر مجموعة من السلالم القذرة؛ كانت هناك بقايا حشرات ميتة متناثرة على أرضية الغرفة؛ وكان المرحاض قذرا جدا لدرجة أنه كان في الواقع غير صالح للاستخدام».
القدر أكثر رحمة
يقول عبده: «الممرض المحتجز اسمه مشرقي، ورأى ضوء النهار آخر مرة في 21 يناير من هذا العام، وتحديدا أثناء نقله إلى سجن راكيفيت، بعد عام من احتجازه في سجون أخرى بما في ذلك مركز سدي تيمان العسكري سيئ السمعة».
ولم يحصل مشرقي، وهو أب لثلاثة أطفال، على أي أخبار عن عائلته منذ اعتقاله؛ والمعلومات الشخصية التي يمكن للمحامين مشاركتها مع المحتجزين من غزة هو اسم قريبهم الذي وكلهم بتولي القضية».
ويتابع: «عندما قلت له أنني تحدثت مع والدته وأذنت لي بمقابلته، أردت أن أخبره -على الأقل- بأن والدته ما زال على قيد الحياة».
وعندما سأل المعتقل الآخر عبده إذا كانت زوجته الحامل قد أنجبت بأمان، قطع الحارس المحادثة على الفور لتهديده، واقتادوه بعيدا.
يقول عبده: «سمعت صوت مصعد، مما يشير إلى أن زنازينهم كانت أعمق تحت الأرض؛ لقد أخبرني التاجر المراهق أنني أول شخص يراه منذ اعتقاله، وكان آخر طلب له هو أن أزوره مرة أخرى؛ لكن القدر كان أرحم حيث أُطلق في وقت لاحق في 13 أكتوبر الماضي».
