ماذا بعد أن جدد مجلس الأمن مهمة البعثة الأممية؟

ماذا بعد أن جدد مجلس الأمن مهمة البعثة الأممية؟

أمين مازن

وافق مجلس الأمن الدولي في آخر جلسة عقدها في نيويورك على تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة للدعم بليبيا سنة أخرى حدد تاريخها آخر شهر في هذه السنة، وقد ألحق المندوب الروسي موافقته هذه بالدعوة إلى أن يكون للبعثة وجودها الموسع في جميع المدن الليبية، بينما ألحق المندوب الأميركي هو الآخر موافقته بالدعوة إلى وجود حكومة واحدة وصفها بالقوية، فَفُهِمَت الموافقة الروسية المشروطة بالتوسّع، على أنها ترمي إلى إطْلاع البعثة الأممية على ما لدى الليبيين من الآراء تجاه ما تتخذه البعثة من عديد القرارات، بحيث تتجنب بقاءها محصورة في الأقلية، فتوسع من دائرة اتصالها.

وأن المستهدف الأميركي بالضرورة ينشد السلطة التي تراعي في قراراتها تحسس آراء الأغلبية من حيث النسبة العددية وبالضرورة النوعية، وهو توجه لو طُبِّقَ لتحققَ لليبيين رفع ما يعانونه من تفشِّي استخفاف عديد المسؤولين باستشعار الأمانة في الإنفاق والموضوعية في الاختيار، وتحققَ مبدأ تكافؤ الفرص في الاختيار أيضا، وهي الظواهر التي استفحلت كثيرا مع ما ساد الواقع من الانقسام وما نتج عنه من استفحال روح الغنيمة وإعطاء الأولوية في تقديم المحاسيب والشركاء.

وشيوع مصطلح التكليف الذي لا يرافقه ما يحدد المدة الزمنية ولا حدود الصلاحية باعتبار عبارة التكليف تعني الوكالة المؤجلة والصلاحية المحدودة التي توجب وجود المرجعية التي ينبغي أن تُستأذَنَ كلما واجه المُكَلَّف ما يحتاج فيه إلى مراجعة من يعلوه مسؤولية وأهلية، وليس ما يجري عندنا حيث نرى أن ما بيد الوكيل يفوق ما بيدِ الأصيل بمراحل، ويكفي الارتفاع الخيالي في الميزانية وبند المرتبات تحديدا، ذلك الارتفاع الذي طرأ منذ الأشهر الأولى التي تلت سقوط النظام السابق والذي نتج عن مرتبات المجالس الثلاثة والتعويضات الخيالية التي صُرِفَت دون أن ينتج عنها أي مستوى من مستويات التسامح؛ وقد ظهر تأثيرها في ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات وعديد السلع.

أما السيارات فحدث ولا حرج، مما جعل الأصوات ترتفع مستنكرة ما بدا يهدد السلم الاجتماعي على أكثر من صعيد، بل إن الاصطدامات المسلحة ما كان لها أن تحدث لولا الاستدراج الذي وقع في فخِّهِ البعض ممن رفض تسليم السلاح الذي طُرِحَ فور سقوط النظام والشروع في تأسيس النظام البديل بإجراء أول عملية انتخابية أدت إلى تشكيل أول هيئة تشريعية أنتجت سريعا أول حكومة اختارها المؤتمر الوطني.

واتجهت إلى تأسيس النظام البديل، وكان يمكن لخطواتها أن تكون أكثر ثباتا لو سَلِمَت من بعض التدخلات الخارجية التي كان على رأس أولوياتها إدخال الثورة الوليدة في الممارسة التي سادت شرقنا وغربنا، وظهر ما يفيد بعزم بعض التيارات على التمسك بالسلطة كاملة غير منقوصة والاكتفاء بالفوز في أول عملية انتخابية إلى البقاء الأبدي، الأمر الذي اتخذ بشأنه الجاران ما بدا أكثر جدوى وأقرب للاتباع، فيكون الأمر عندنا أكثر تعقيدا،.

وقد زاد من تعقيده أن إسقاط النظام قد تم جراء الاستعانة بالخارج لحسابات لم يغفلها عديد المراقبين الوطنيين ولم يترددوا في كشف أبعادها على أكثر من صعيد، ومن المستبعد أن يتم الخروج من مأزقها لأكثر من حقبة من الزمن لما تتوفر عليه هذه المفازة.

كما وصفها ابن خلدون وهو يسجل رؤيته، ولم يحدث لسوء الحظ بعد هذا التاريخ بصدد واقعنا سوى ما يفيد بأننا حيث نحن ما لم تفرض المصالح الكبرى تدخلا يصدق معه القول المعروف عند أهلنا في البادية حول كل من يُرزَق من حيث لا يحتسب ما نصّه «أهل السعادة تُحطّب لهم الريح».