خلافات الفرقاء تهدد من جديد مصير «الحوار المهيكل»
جريدة «الوسط»: خلافات الفرقاء تهدد من جديد مصير «الحوار المهيكل»
طرابلس – بوابة الوسط الجمعة 07 نوفمبر 2025, 08:24 صباحا
بينما تتحفظ أطراف ليبية على آلية الحوار المهيكل «غير الملزم» المطروح من البعثة الأممية في ليبيا، زادت وتيرة الخلافات والانقسامات بين الأجسام السياسية عبر صدور قرارات ومواقف غير توافقية تزيد بدورها من تعقيد المشهد السياسي في البلاد، من بين ذلك ما يثيره قرار تفعيل المحكمة الدستورية من قبل مجلس النواب وانعكاساته على وحدة القضاء الليبي، مع تمسك حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» بضرورة الذهاب المباشر إلى الانتخابات، ثم تأكيد المشير خليفة حفتر لعدد من شيوخ القبائل رفضه لما يصفه بـ«الحلول الخارجية».
تبادل البيانات بين «النواب» و«الرئاسي»
وتبادل مجلس النواب وحكومة أسامة حماد المكلفة من قبله مع المجلس الرئاسي في طرابلس البيانات بشأن صلاحيات إصدار القرارات، وسط اتهامات بافتعال أزمات قضائية ودستورية لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة.
وفي رد من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح على رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي دافع عن اختصاص البرلمان في تنظيم شؤون القضاء، وأوضح، في بيان، أن تشكيل المحكمة الدستورية لا يعد انتهاكاً لمبدأ الفصل بين السلطات، معتبراً ترحيب المنفي بأحكام المحكمة العليا «يعكس تجاوزاً واضحاً لاختصاصات المجلس الرئاسي، وأن الأخير يتعامل كخصم لمجلس النواب، ويسعى إلى التعدي على صلاحياته».
اللافي والكوني يؤكدان أهمية استقلال القضاء
فيما شدد عضوا الرئاسي عبدالله اللافي وموسى الكوني أن استقلال القضاء يمثل ضمانة لحماية الحقوق وصون مبدأ الشرعية، محذرَين، في بيان، من «الزج بالقضاء في التجاذبات السياسية أو استخدامه كأداة في الخلافات الشخصية»، وجاء البيان بعد ساعات من إعلان رئيس المجلس الرئاسي عزمه تشكيل لجنة قانونية لمراجعة القوانين الصادرة عن مجلس النواب، في أعقاب ترحيبه بحكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا القاضي بعدم دستورية القانون رقم (10) لسنة 2022 الخاص بالجريدة الرسمية، والذي نقل تبعيتها إلى ديوان مجلس النواب.
لكن «النواب» رد على بيان الرئاسي في نهاية جلسته الأسبوعية، الإثنين، بإعلان مناقشة تعديل أحكام قانون رقم (10) لعام 2022 بشأن الجريدة الرسمية وأحكام النشر، وصوّت المجلس بالإجماع على أن ما يصدر عنه من قوانين وقرارات يُنشَر مباشرة دون الحاجة لإذن، فيما تُحال المواد الواردة للجريدة الرسمية من الجهات والمؤسسات الأخرى للنشر بإذن من رئيس المجلس أو أحد نائبيه.
حماد يهاجم الدائرة الدستورية
وفي السياق، أوضح رئيس الحكومة المكلفة أسامة حماد أن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في طرابلس ملغاة قانوناً، وأن ما يصدر عنها «هو والعدم سواء»، مشدداً على أن كل ما يعلنه المجلس الرئاسي من بيانات أو قرارات «لا أثر قانونياً له، نظراً لانتهاء ولايته وفق اتفاق جنيف».
ودخلت البعثة الأممية على خط الخلافات؛ حيث بحثت نائبة المبعوث الأممي ستيفاني خوري خلال لقائها، الأربعاء، في طرابلس مع رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة مسألة تفعيل المحكمة الدستورية، وما قد يترتب عليها من تداعيات تمس وحدة القضاء الليبي، إلى جانب الدعم الأممي للتفاهمات الجارية بين مجلسي الدولة والنواب بشأن المناصب السيادية، والتأكيد على ضرورة عدم انفراد أي جهة بإصدار القوانين أو فرض سياسة الأمر الواقع.
وخلال الإحاطة الأخيرة لها بمجلس الأمن الدولي، قالت المبعوثة هانا تيتيه «يوجد في ليبيا الآن محكمتان دستوريتان تعملان في الشرق والغرب»، في إشارة إلى استمرار المحكمة العليا في طرابلس، وتفعيل المحكمة الدستورية العليا في مدينة بنغازي.
وتثار مخاوف جدية بشأن تأثير الخلافات على وحدة القضاء، وتجزئة السلطة القضائية التي تعاني من ضغوط جرّاء سنوات من الانقسام السياسي.
محاولة أممية لتجاوز الخلافات عبر «الحوار المهيكل»
وتحاول الأمم المتحدة تجاوز هذه الانقسامات عبر مخرجات «الحوار المهيكل» المرتقب والذي يعد غير ملزم، حسب تصريحات ستيفاني خوري، ما يعكس مؤشراً سلبياً مسبقاً تجاه تنفيذ خريطة الطريق الأممية، فيما أثار إعلان بدء تلقي الترشيحات للمشاركة في هذا الحوار جدلاً في الأوساط الليبية، بعدما رفضت بعض الأطراف الانخراط في مساره بدعوى أنه تجاوز للخيارات الوطنية.
– «الدستورية العليا» تقرر إعادة الدعاوى المحجوزة للحكم أمام «المحكمة العليا» إلى المرافعة مجددًا
– المنفي: نرحب بحكم عدم دستورية قانون الجريدة الرسمية.. وسنشكل لجنة لمراجعة قوانين «النواب»
– عقيلة للمنفي: «لا تملك تقييم عمل المشرّع».. ولا ولاية للمحكمة العليا على دستورية القوانين
– اللافي والكوني: استقلال القضاء يصون شرعية الدولة ونرفض الزج بـ«الرئاسي» في التجاذبات السياسية
– تيتيه وبرنت يحثان مجلسي النواب والدولة على الإسراع بتنفيذ دورهما في خريطة الطريق
– للاطلاع على العدد «520» من جريدة «الوسط».. اضغط هنا
واستعرضت هانا تيتيه مع رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة، خلال لقاء في العاصمة طرابلس، «الاستعدادات الجارية لإطلاق الحوار المُهيكل، والذي يُعد أحد المكونات الأساسية لخريطة الطريق السياسية التي تيسرها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا».
وشدد الدبيبة على «ضرورة الذهاب المباشر إلى الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية، باعتباره الطريق الأمثل لاستعادة الشرعية وتجديد المؤسسات عبر الإرادة الشعبية». وجدد، في بيان نقله المكتب الإعلامي، الإعراب عن «دعم حكومته لمسار الأمم المتحدة، واستعدادها للتعاون الكامل مع البعثة لتسريع الوصول إلى الانتخابات وتوحيد الجهود الوطنية».
حكومة الدبيبة تقاوم التغيير
وتحاول حكومة الدبيبة احتواء التوجه لتغييرها، والذي أصبح وشيكاً بدفع من الإقالات والانسحابات لطاقمها الحكومي، آخرها توقيف وزير التربية والتعليم علي العابد بتهمة الإهمال في التعاقد على طباعة الكتاب المدرسي، وهو خامس وزير يجرى توقيفه منذ تولي حكومة الوحدة السلطة العام 2021.
وليس بعيداً عن محاولتها تحسين صورتها على الصعيد الخارجي أكثر، قدمت حكومة الدبيبة ملف التحقيقات الخاصة بقضية اختفاء الإمام الشيعي موسى الصدر للمرة الأولى إلى القضاء في لبنان، ما أثار تساؤلات حول تأثير الخطوة على ملف هانيبال نجل العقيد معمر القذافي، وبموازاة ذلك قرر مكتب النائب العام اعتقال وحبس رئيس الشرطة القضائية السابق أسامة نجيم المصري المطلوب من محكمة الجنايات الدولية على خلفية اتهامات بتعذيب سجناء ووفاة أحدهم.
حفتر يدعو مجددا إلى «حراك سلمي»
وفي شرق البلاد، كرر المشير خليفة حفتر دعوته لليبيين إلى ما سماه «حراكاً سلمياً» لإنهاء الوضع الراهن، وأكّد، خلال لقاء جمعه بشيوخ وحكماء مدينة الزنتان في مدينة بنغازي، أن «الصراع على السلطة والتمسك بها هو العائق الأول أمام بناء الدولة»، مجدداً التأكيد على أن الحل يكمن فيما سماه «تحرك الشعب الليبي لتقرير مصيره وانتزاع حقه، في حراك سلمي تحميه القوات المسلحة، يحدد فيه الشعب مصيره».
وهذه ثاني دعوة يطلقها حفتر بشكل مباشر خلال أسبوع واحد، بعدما خاطب مشايخ وأعيان قبائل مدينة ترهونة قائلاً «في هذه المرحلة المفصلية التي نقف عندها لا نملك إلا أن ننبه الشعب الليبي إلى أن موعد حراكه السلمي المنظم ليقرر مصيره قد حان».
في هذه الأجواء يأتي سعي رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا للإعداد لانعقاد «الحوار المهيكل» الذي تضمنته خريطة الطريق التي سبق أن طرحتها في إحاطتها أمام مجلس الأمن، وسط خلافات فرقاء الأزمة التي قد تشكل عائقاً لإنجاز الحوار بصيغته المثالية.

