هل تساهم «مراكز البيانات الفضائية» في حل أزمة الطاقة الرقمية؟
هل تساهم «مراكز البيانات الفضائية» في حل أزمة الطاقة الرقمية؟
القاهرة – بوابة الوسط الخميس 06 نوفمبر 2025, 04:02 مساء
تهدف شركات تكنولوجيا عملاقة وأخرى ناشئة إلى وضع خوادم وإنشاء مراكز بيانات في الفضاء، وترى في ذلك حلاً لقيود إمدادات الطاقة الحالية. في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض في نهاية أكتوبر، قال رئيس شركة «ستاركلاود» الناشئة فيليب جونستون إن «الفكرة هي أنه سيكون من المنطقي قريباً بناء مراكز بيانات في الفضاء أكثر من الأرض».
خلال الأشهر القليلة الماضية، توالت الإعلانات بسرعة كبيرة، وكان آخرها الثلاثاء مع كشف «غوغل» عن مشروع «صنكاتشر» الذي يهدف إلى إطلاق أول قمرين صناعيين تجريبيين بحلول مطلع العام 2027، وفقا لوكالة «فرانس برس».
بدوره، أكد إيلون ماسك الجمعة أن شركته «سبيس إكس» ستتمكن من وضع مراكز بيانات محسّنة خاصة بها في الفضاء بفضل النسخة الثالثة من قمرها الصناعي «ستارلينك» المتوقع إطلاقه العام 2026. وكان صاروخ الإطلاق التابع لشركة «سبيس إكس» هو الذي وضع القمر الصناعي الأول لـ«ستاركلاود» في المدار الأحد.
تتشابه بنية معظم هذه البرامج: مجموعة من الأقمار الصناعية في مدار أرضي منخفض قريبة من بعضها البعض لضمان اتصال موثوق بينها، فيما سيجري إقامة اتصال بالأرض عبر أشعة الليزر.
– «سبيس إكس» الأميركية تطلق دفعة جديدة من أقمار «ستارلينك»
– ابتكار روسي جديد لتطوير محركات الأقمار الصناعية
_ «بلو أوريجين» تطلق الرحلة الأولى لصاروخها «نيو غلين»
يقول أستاذ الهندسة في جامعة أريزونا كريشنا موراليداران الذي يعمل على هذا الموضوع، «لدينا بالفعل دليل على أن الأمر ممكن». ويعتقد أن هذه التقنية قد تصبح مجدية تجارياً بحلول العام 2035 إلى 2040. أما بالنسبة لجيف بيزوس، مؤسس شركة «أمازون» والمساهم الأكبر في شركة «بلو أوريجين» للفضاء، فيتراوح الإطار الزمني بين عشرة وعشرين عاماً.
ولم يجرِ حل جميع الجوانب الفنية للعملية حتى الآن، ومن بينها مقاومة المعالجات للمستويات العالية من الإشعاع في هذه البيئة.
ويشير المتشككون أيضاً إلى درجات الحرارة القصوى، وصعوبة صيانة الأقمار الصناعية، ووجود حطام ونيازك دقيقة يمكن أن تلحق بها ضرراً.
يقر الأستاذ المساعد للهندسة في جامعة ميشيغان كريستوفر ليمباش بأنه «ستكون هناك حاجة إلى هندسة مبتكرة»، لكن «هذا سيؤثر فقط على الميزانية، وليس على الجدوى الفنية».
مزايا متعددة مقارنة بالأرض
ويوفر الفضاء مزايا متعددة مقارنة بالأرض، أولها وأهمها الإمداد بالطاقة، حيث يمكن وضع القمر الصناعي في مدار متزامن مع الشمس، ما يضمن تزويد الألواح الشمسية الخاصة به بأشعة مستمرة. علاوة على ذلك، تستقبل الألواح في ظل هذه الظروف طاقة شمسية تعادل ثمانية أضعاف ما تستقبله نظيرتها على الأرض. والوصول إلى مصدر طاقة غير محدود ومتاح بالفعل يسيل لعاب صناعة التكنولوجيا في ظل احتياجاتها المتزايدة من الكهرباء، خصوصاً لتطوير الذكاء الصناعي المقيد حالياً بعدم كفاية البنية التحتية في الولايات المتحدة.
هناك ميزة رئيسية أخرى وهي أن إنشاء مركز بيانات في الفضاء لا يتطلب شراء الأراضي ولا الحصول على التصاريح التنظيمية، ولا يشكل إزعاجاً لأحد.
في ما يتعلق بالمناخ، يقدر فيليب جونستون انبعاثات مركز بيانات فضائي بنحو 10% فقط من نظيره على الأرض، لكن هذا التقدير لا يأخذ في الاعتبار إطلاق الأقمار الصناعية.
أما بالنسبة للمياه التي يثير استهلاكها الهائل في مراكز البيانات قلق المدافعين عن البيئة، فلن تكون هناك حاجة لها في الفضاء. وسيكون النظام مماثلاً لنظام محطات الفضاء الذي يحتاج فقط سائل تبريد في دائرة مغلقة ومبردات تهوية.
ويقول كريستوفر ليمباش «السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت الفكرة ناجعة اقتصادياً».
حتى الآن، كانت العقبة الرئيسية أمام وضع الخوادم في الفضاء تتمثل في تكلفة النقل، ولكن تطوير صاروخ «ستارشيب» العملاق التابع لشركة «سبيس إكس»، في تاريخ لم يجرِ تحديده بعد، من شأنه أن يغير قواعد اللعبة.
من المتوقع أن يساهم الصاروخ الجديد في خفض الفاتورة بما لا يقل عن 30 مرة.
وكتب رئيس مشروع «صنكاتشر» ترافيس بيلز الثلاثاء «بهذا السعر، قد تصبح تكلفة إطلاق وتشغيل مركز بيانات في الفضاء قابلة للمقارنة» بتكلفة موقع بنفس القدرة على الأرض. ووفق كريستوفر ليمباش فإنه «للمرة الأولى، أصبح بوسعنا أن نتخيل نماذج اقتصادية جديدة للفضاء أو أن نعيد اختراع النماذج القديمة».
