الاستعلاء العرقي إلى عودة!

نتنياهو والصفوة الصهيونية يقدمون الاستعلاء الصهيوني والعنصرية وحتى العرقية في حربهم الشعواء على كل ما هو إنساني ودون اعتبار لكل ما هو منطقي أو دبلوماسي. على التوقيت نفسه تتحرك عقارب ساعة توني روبنسون بمبررات جديدة ساهمت في جلب 150 ألف متظاهر من اليمين البريطاني إلى الشوارع والميادين ضد الآخر «المهاجر». عودة النازية والفاشية إلى أوروبا، منبت العنف البشري، باتت واضحة ومسموعة بل صارت روتينًا يوميًا في الإعلام، ولكن بأساليب متطورة ومختلفة عن أساليب الماضي العنصرية. تارة باسم حرية التعبير وبحجة النقاء العرقي والاجتماعي أو بحجج بليدة مثل الفارق التكنولوجي والتخلف.
في أوائل ثلاثينيات القرن العشرين، ألقى هتلر خطابًا أمام رابطة الأطباء الاشتراكيين الوطنيين، اعترف فيه بأنه يستطيع الاستغناء عن المحامين والمهندسين والبنائين، لكنه لن يستطيع الاستغناء عن الأطباء ولو ليوم واحد أو لساعة واحدة، وقال: «إذا خذلوني، سيضيع كل شيء، فما قيمة نضالاتنا إن كانت صحة شعبنا في خطر».
يشير معظم المؤرخين إلى مثل هذه الأحداث على أنها الخطوات الأولى للنازيين في إفساد علم الألمان، خاصة في مجالي الأحياء والطب. أكثر أطروحة كانت مثيرة للقلق ملخصها أن النازيين لم يفسدوا العلم الألماني بقدر ما استعاروا منه أفكارًا مقبولة على نطاق واسع -علوم الوراثة مثلاً.. ويستشهد المؤرخون، على وجه الخصوص، بحالة فريتز لينز، الذي اقترح، في كتابه «النظافة العرقية» الذي نال استحسانًا واسعًا نشِر العام 1921، وبشكل واقعي، أن الزنوج والمغول والنساء واليهود أدنى وراثيًا من الذكور الشماليين، واعتبر لينز تحسين النسل هو الحل الوحيد للمشاكل الاجتماعية والسياسية التي عصفت بألمانيا، واعتبر اشتراكية هتلر العقلانية أشبه بعلم الأحياء التطبيقي.
نجحت دراسات كثيرة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في إظهار إمكانية استخدام العلم كأداة ومبرر للعنف السياسي، وبذلك تُقدم إجابة جزئية على السؤال الذي يُربك كل من يحاول فهم المحرقة النازية في القرن العشرين والمحرقة الجديدة في غزة هذا القرن. كيف يُمكن لأشخاص أذكياء يعلنون عن أسمى قيم الحضارة الغربية أن يرتكبوا كل هذا الكم الهائل من أعمال الإرهاب الوحشية؟
