استراتيجية البيت الأبيض الجديدة لتشويه الحقيقة
ترامب والذكاء الصناعي: استراتيجية البيت الأبيض الجديدة لتشويه الحقيقة
القاهرة – بوابة الوسط الخميس 06 نوفمبر 2025, 06:16 مساء
كثّف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ بداية ولايته الثانية، استخدام الذكاء الصناعي لتوليد صور يمجد فيها نفسه ويذمّ خصومه، لتصبح إدارته الأولى في تاريخ البيت الأبيض التي تلجأ للصور المضللة في كثير من الأحيان كاستراتيجية مركزية لمخاطبة الرأي العام.
يستخدم ترامب، المعتاد على نظريات المؤامرة والادعاءات الباطلة، هذا النوع من المحتوى في منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً في المحطات التي تشهد فيها البلاد توترات، وفقا لتقرير وكالة «فرانس برس».
نشر ترامب الشهر الماضي مقطع فيديو مُعدلاً يظهره برأس متوّج وهو يقود طائرة مقاتلة أُطلق عليها اسم «الملك ترامب» ويُلقي منها البراز على متظاهرين سلميين. نُشر هذا المقطع تزامناً مع احتجاجات عمّت البلاد تحت شعار «لا للملوك» تنديداً بما اعتبره المشاركون سلوكاً استبدادياً يعتمده الرئيس الأميركي.
وفي منشور آخر، صوّر البيت الأبيض ترامب على شاكلة الرجل الخارق «سوبرمان»، في ظل انتشار تكهنات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن تدهور في صحته، وأُرفق المنشور بعبارة «رمز الأمل، ترامب سوبرمان».
صور مُفبركة ومزاعم طبية وهمية
كما نشر ترامب والبيت الأبيض صوراً مُولّدة بالذكاء الصناعي تُظهره مرتدياً زي «البابا»، أو يزأر إلى جانب أسد، أو يقود أوركسترا في مركز كينيدي، المجمع الفني المرموق في واشنطن. خدعت هذه الصور المُفبركة بعض مستخدمي الإنترنت، فيما شكك الكثيرون في التعليقات بصحتها. وبينما لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الصور من تأليف ترامب نفسه أم موظفيه، ترفض الإدارة التعليق عليها.
– ترامب يتباهى بتجديد «حمام لينكولن» الفاخر في البيت الأبيض.. الرخام يحل محل «آرت ديكو» الأخضر
– عودة تمثال ترامب وإبستين «أفضل صديقين للأبد» إلى واشنطن تثير الجدل
– التعاون في مجال الأرصاد الجوية يشهد بلبلة في عهد ترامب
تقول نورا بينافيديز، كبيرة مستشاري منظمة «فري برس» غير الحكومية التي تدافع عن حرية المعلومات: «ترامب ينشر معلومات مضللة على الإنترنت وخارجه لتعزيز صورته ومهاجمة خصومه والتحكم في الخطاب العام». وتضيف أن «بالنسبة لشخص مثله، يُعد الذكاء الصناعي التوليدي المتفلت من أي ضوابط الأداة المثالية لجذب الانتباه وتشويه الحقيقة».
وفي سبتمبر، أثار الرئيس غضباً بعد نشره فيديو يبدو أنه مُولّد بواسطة الذكاء الصناعي وعد فيه كل أميركي بإمكانية الوصول إلى مستشفيات «ميد بيد» (Medbed)، وهي أسرّة طبية ذات تصميم استشرافي يُزعم أنها قادرة على معالجة جميع الأمراض وتجديد شباب الناس، على الرغم من أنها غير موجودة على أرض الواقع.
أظهر فيديو ترامب المزيف، الذي حُذف لاحقاً من دون تفسير، ابنة زوجته لارا ترامب وهي تُروّج لإطلاق متخيل من البيت الأبيض لهذا «النظام الصحي الجديد التاريخي».
استهداف الخصوم والتأثير على الواقع
يخص ترامب منافسه بالمحتويات الأكثر استفزازاً المُولّدة بواسطة الذكاء الصناعي، في مسعى منه لتعبئة قاعدته المُحافظة. ففي يوليو، نشر الرئيس الأميركي مقطع فيديو مُولّداً بواسطة الذكاء الصناعي يُظهر الرئيس السابق باراك أوباما وهو يُعتقل في المكتب البيضوي، ويظهر خلف القضبان مُرتدياً بزة السجن البرتقالية. ولاحقاً، نشر مقطع فيديو مُولّداً بالذكاء الصناعي يُظهر حكيم جيفريز، زعيم الأقلية في مجلس النواب ذا البشرة السوداء، مع شارب مزيّف وقبعة «سومبريرو»، وهو ما ندّد به جيفريز واصفاً إياه بالعنصرية.
تسأل الباحثة المُتخصصة في نظريات المؤامرة نويل كوك: «كيف يُمكن إعادة الناس إلى واقع متعارف عليه فيما يُواصل من هم في السلطة التلاعب بهم؟».
بينما يرى المدير المشارك لمركز التواصل الاجتماعي بجامعة نيويورك جوشوا تاكر أن سلوك ترامب يعكس نظرة إلى رئاسته كـ «حملة سياسية دائمة»، مُضيفاً: «أرى سلوكه حملة تشويه سمعة أكثر منها محاولة نشطة لإقناع الناس بأن هذه الصور حقيقية».
على الرغم من الجدل، بدأت استراتيجية ترامب تلقى صدى لدى الخصوم، حيث قلّد حاكم كاليفورنيا الديمقراطي غافن نيوسوم هذا الأسلوب يوم الثلاثاء، بنشره فيديو مُولّداً بالذكاء الصناعي على منصة «إكس» يسخر فيه من الجمهوريين بعد فوز الديمقراطيين في نيويورك وأماكن أخرى. أظهر المقطع مصارعين في حلبة مصارعة، مع وجوه مركبة لقادة ديمقراطيين وهم يُسقطون خصومهم الجمهوريين، بمن فيهم ترامب، وتباهى نيوسوم بالمنشور قائلاً: «هكذا يكون إسقاط الخصوم».
