بعد سقوط الفاشر.. شهادات مروعة عن اغتصابات جماعية على يد «الدعم السريع»
بعد سقوط الفاشر.. شهادات مروعة عن اغتصابات جماعية على يد «الدعم السريع»
القاهرة – بوابة الوسط الأربعاء 05 نوفمبر 2025, 08:30 مساء
ما زالت كوابيس الاغتصابات الجماعية تطارد أميرة، فهذه الأم السودانية لأربعة أطفال التي نجت من الحصار الطويل على الفاشر في غرب السودان، لم تنجُ من ذكريات العنف التي حُفرت فيها عميقا منذ سقطت المدينة في قبضة قوات «الدعم السريع»، بعد أكثر من عام من الحصار والجوع والخوف.
وفي رحلة وصفتها بأنها كانت «معاناة»، من الفاشر، عاصمة شمال دارفور، إلى طويلة، الواقعة على بُعد نحو 70 كيلومترا إلى الغرب، تقول أميرة لوكالة «فرانس برس» إنها شاهدت «كل أنواع التعذيب»، من عنف جنسي وضرب وتجويع استمر ساعات. وروت أن «الاغتصاب كان جماعيا وأمام الملأ. يعني اغتصاب أمام الناس، ولا أحد يستطيع أن يوقفه»، مضيفة أنه كان مصحوبا بالعنف والضرب.
«الدعم السريع» تعلن سيطرتها على الفاشر
وأعلنت قوات «الدعم السريع»، الأسبوع الماضي، سيطرتها على الفاشر، آخر المعاقل الرئيسية للجيش في إقليم دارفور، لتتكشف بعدها شهادات عن إعدامات ميدانية وعنف جنسي وهجمات على عمال الإغاثة، فضلا عن عمليات نهب وخطف، بينما لا تزال الاتصالات مقطوعة إلى حدّ كبير.
وعلى الرغم من المخاطر التي تحفّ فرار المدنيين من المدينة، قدّرت الأمم المتحدة أن عشرات الآلاف غادروها بالفعل منذ إعلان «الدعم السريع» السيطرة عليها.
وتوضح أميرة، التي شاركت شهادتها خلال مؤتمر عبر الإنترنت نظمته منظمة «أفاز»، أنها احتُجزت في مدينة كورما، الواقعة على بُعد 40 كيلومترا شمال غرب الفاشر، قبل أن يطلقها مقاتلو «الدعم السريع» مقابل فدية.
وتقول السيدة التي تستخدم اسما مستعارا حفاظا على أمنها: «لدي أربعة أولاد. نحن خمسة. دفعت خمسة مليارات جنيه سوداني، لأتمكن من مواصلة طريقي». وتضيف أنّه خلال احتجازها في كورما «كان يجرى الاغتصاب حتى في الليل. تكون نائما ويأتي أحد ليغتصبك، ولا جهة تسأل ولا جهة تمنع»، وفق الوكالة الفرنسية.
«لا أموالك ولا كرامتك»
تفيد أميرة بأن من لا يتمكن من دفع الفدية يُجرَّد من ممتلكاته أو تُؤخذ بناته للاغتصاب، مضيفة: «كان هناك رجل لم يتمكن من الدفع ومعه بنتان، أخذوهما منه». وعندما تمكنت أخيرا من مغادرة كورما «بعد يومين بلا طعام أو شراب، كان الشارع مليئا بالجثث حتى أنك تضطر للقفز فوقها، لمواصلة السير».
وتؤكد أنها شاهدت مقاتلي الدعم السريع «يذبحون رجلا بالسكاكين» خلال دخولهم مدينة قرنة في طريقهم إلى كورما، مشددة على أنّه «كان هناك قتل بالرصاص والسكاكين». وتقول أميرة: «هذه المشاهد لا تزال تطاردني في الليل. كثيرا ما أستيقظ وأنا أرجف متذكرة ما رأيت في الطريق».
– الاعتقال أو التجويع والضرب حتى الموت.. مأساة السودانيين الفارّين من الفاشر
– «أطباء بلا حدود»: آلاف السودانيين في دائرة الخطر بعد سقوط الفاشر بيد «الدعم السريع»
– أعضاء «مجلس الأمن» يطالبون بمحاسبة مرتكبي انتهاكات الفاشر وحماية المدنيين وسيادة السودان
وأكد الناطق باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان سيف ماغانغو، الأسبوع الماضي، أنّ «شركاء المفوضية الإنسانيين أفادوا بتعرض ما لا يقل عن 25 امرأة للاغتصاب الجماعي عندما دخلت قوات الدعم السريع مأوى للنازحين بالقرب من جامعة الفاشر».
وأضاف: «شهود يؤكدون أن أفراد قوات الدعم السريع انتقوا النساء والفتيات، واغتصبوهن تحت تهديد السلاح، ما أجبر النازحين المتبقين (نحو مئة أسرة) على مغادرة الموقع وسط إطلاق النار».
عمليات تفتيش «مؤذية جدا» للنساء
ويتحدث محمد، البالغ 56 عاما، وهو ناج آخر من الفاشر شارك شهادته في مؤتمر «أفاز»، عن عمليات تفتيش «مؤذية جدا» للنساء.
ويقول: «يفتشون الملابس، وإن لم يجدوا شيئا يبدأون بالضرب. وينتزعون حتى الفوط الصحية وحفاضات الأطفال. لا يتركون أي شيء. لا أموالك ولا كرامتك».
ومنذ إعلان «الدعم السريع» السيطرة على الفاشر، فرّ نحو 65 ألف مدني من المدينة، بحسب الأمم المتحدة، ولجأ خمسة آلاف منهم على الأقل إلى طويلة، التي تؤوي أصلا أكثر من نصف مليون نازح.
وأكد الناطق باسم منسقية اللاجئين والنازحين في دارفور، آدم رجال، لـ«فرانس برس» أنّ المنظمة وثّقت ما لا يقل عن 150 حالة عنف جنسي بين سقوط الفاشر والأول من نوفمبر 2025، موضحا: «بعض تلك الحالات وقع داخل الفاشر، وأخرى على الطريق إلى طويلة».
