السياسات الأوروبية تجاه الهجرة غير القانونية رسخت نفوذ «أمراء الحرب» في ليبيا
معهد ألماني: السياسات الأوروبية تجاه الهجرة غير القانونية رسخت نفوذ «أمراء الحرب» في ليبيا
القاهرة – بوابة الوسط: ترجمة هبة هشام الأربعاء 05 نوفمبر 2025, 06:21 مساء
انتقدت ورقة بحثية نشرها المعهد الألماني للدراسات الدولية والأمنية السياسات الأوروبية لإدارة أزمة الهجرة غير القانونية من ليبيا وعبر البحر المتوسط، وقال إنها فشلت إلى حد كبير في تحقيق أهدافها؛ بل مكنت نفوذ من وصفتهم بـ«أمراء الحرب»، ورسخت نظام الاحتجاز القسري والانتهاكات بحق المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا.
وأبرزت الورقة البحثية، التي أعدها الباحث وولفرام لاخر، كيف عززت السياسات الأوروبية تجاه ملف الهجرة من نفوذ أمراء الحرب، ووفرت لهم المساحة لزيادة مطالبهم سعيًا وراء الشرعية المحلية والدولية والتمويل، مضيفة أن الجهات الفاعلة في ليبيا باتت تستغل ورقة الهجرة غير القانونية لفرض مطالبها وتحقيق أهدافها الخاصة، مع مواصلة التربح من الأزمة.
ودعت الباحث إلى إعادة تقييم حقيقية لسياسات الهجرة الأوروبية واستراتيجية التعاون مع ليبيا، والإقرار بفشل السياسات القائمة، مع الاعتراف بالنتائج المعقدة التي نتجت عن تلك السياسات وأبرزها تعزيز أمراء الحرب المحليين وتعقيد الأزمة الإنسانية وترسيخ أنظمة الاحتجاز القسرية، حسب ما نشره المعهد الألماني عبر موقعه الإلكتروني.
تدابير قاسية
ورأى الباحث أن السياسات الأوروبية تحولت من هدف كبح تدفقات الهجرة غير القانونية ومساعدة المهاجرين في نهاية المطاف للعودة إلى بلدانهم إلى ما وصفه بـ«تدابير قاسية تركز على التعاون مع القوى الأمنية الليبية لمنع مغادرة قوارب الهجرة، ودعم عمليات الاعتراض في البحر، وهي ممارسات ترتبط بالاحتجاز التعسفي».
– «إي يو أوبزرفر»: المفوضية الأوروبية تجري محادثات مع طرابلس بعد وقف عمل «أطباء بلا حدود»
– بزيادة 18% مقارنة مع 2024.. خريطة توزيع المهاجرين غير القانونيين في ليبيا
– رغم تزايد الهجرة غير النظامية.. المفوضية الأوروبية تُخفي فشل مهمتها في ليبيا
واتسم نظام الاحتجاز في ليبيا بالانتهاكات الممنهجة، بما في ذلك التعذيب والاستغلال، وهي ممارسات يرى لاخر أن الدعم الأوروبي ساهم في ارتكابها وترسيخها. وقال إن «موقف الاتحاد الأوروبي الرسمي المناهض للاحتجاز التعسفي يقوضه اعتماده على هذا النظام لإدارة تدفقات الهجرة. ولم تعالج الجهود الإنسانية الرامية إلى تحسين الأوضاع في مراكز الاحتجاز المشاكل الهيكلية، وكثيرًا ما جرى استغلالها لأغراض سياسية».
وقد أثارت القفزة في أعداد المهاجرين الوافدين إلى اليونان القادمين من ليبيا منذ بداية العام 2025 تحركات دبلوماسية مكثفة داخل أروقة الاتحاد الأوروبي، حيث أجرى مسؤولوه عدة زيارات إلى طرابلس وبنغازي لبحث الأزمة.
وكثف مسؤولو بروكسل في الوقت نفسه جهود التعاون والتنسيق مع قائد قوات «القيادة العامة» المشير خليفة حفتر في شرق ليبيا. كما واجهت العملية البحرية الأوروبية «إيريني» انتقادات بالسماح بوصول شحنات الأسلحة إلى قوات حفتر في الشرق، على الرغم من حظر السلاح المفروض من قبل مجلس الأمن.
التعاون مع «أمراء الحرب»
لكن الاعتماد الأوروبي المتنامي على قادة التشكيلات المسلحة والجهات الفاعلة، لكبح تدفقات الهجرة غير القانونية أدى، بحسب الورقة البحثية، إلى تصعيد مطالب هؤلاء لتحقيق مصالحهم الخاصة، مما يقوض فاعلية السياسات الأوروبية.
كما يجري استغلال أزمة الهجرة والتلاعب بها من قبل الجهات الفاعلة المحلية، بحسب لاخر، وبالتالي أسهمت السياسات الأوروبية في ترسيخ أنظمة الاحتجاز القسري في ليبيا، دون تحقيق أي تقدم يذكر صوب إيجاد بدائل تفيد المهاجرين وتمكنهم من العودة بأمان إلى بلدانهم، مما يزيد من سوء الظروف الإنسانية التي يعاني منها المهاجرين واللاجئين داخل ليبيا.
وأشار الباحث الألماني إلى استفادة قادة التشكيلات المسلحة بشكل رئيسي من السياسات الأوروبية، مع سعي هؤلاء لتأمين الاعتراف الرسمي وبالتالي التمويل من أوروبا، باعتبارها قوات أمنية رسمية، مما يمكنها من تجنب أي مساءلة أو عقوبات دولية. وقد استغلت الحكومات المتعاقبة في طرابلس منذ العام 2017 والسلطات الإيطالية المحفزات نفسها في تعاملها مع قادة التشكيلات المسلحة.
ولا يزال هيكل المحفزات ذلك قائمًا إلى اليوم؛ إذ يخلق العمل في مجال مكافحة الهجرة غطاء من الشرعية المحلية والاتصالات الدولية، وكذلك فرص الإثراء السريع من خلال استغلال المهاجرين داخل مراكز الاحتجاز. ودائما ما تعمد الجهات الفاعلة المحلية وقادة التشكيلات المسلحة إلى تعديل مواقفها التفاوضية مع أوروبا مع تغير ميزان القوى والتحالفات الداخلية، وبرز ذلك الوضع بشكل ملحوظ في طرابلس منذ العام 2021.
الأمر نفسه ينطبق على الشرق الليبي، الذي شهد قفزة حادة في أعداد المهاجرين المغادرين صوب أوروبا، لا سيما السواحل الإيطالية، منذ منتصف العام 2022، مع اتهامات لقوات القيادة العامة «بالتورط». وردت إيطاليا باستقبال المشير خليفة حفتر بروما في مايو العام 2023، وعرض صفقة للتعاون. ومنذ وقتها وسعت روما نطاق تعاونها العسكري مع قوات القيادة العامة.
وتحدث الباحث عن محاولة المشير حفتر «استغلال سيطرته على مسار الهجرة صوب اليونان وإيطاليا كورقة ضغط لتحسين موقفه الدولي وموقف الحكومة المكلفة من مجلس النواب في بنغازي»، ويخلص إلى أن سياسة الاتحاد الأوروبي بشأن أزمة الهجرة في ليبيا يثير مخاوف أخلاقية وقد يؤدي إلى زيادة الاستياء الشعبي داخل ليبيا من تلك السياسات.
