تجربة الأمطار الصناعية في نيودلهي غير مفيدة في مواجهة الغازات السامة
خبراء هنود: تجربة الأمطار الصناعية في نيودلهي غير مفيدة في مواجهة الغازات السامة
القاهرة – بوابة الوسط الأحد 02 نوفمبر 2025, 04:20 مساء
شكلت تجربة الأمطار الصناعية الأخيرة في العاصمة الهندية «نيودلهي» آخر محاولة في سلسلة من المبادرات، الغريبة أحيانا، للتخفيف من الضباب الدخاني السام، لكنها لم تُقنع الخبراء والناشطين البيئيين الذين اعتبروها مجرّد «عرض مكلف». فبحسب وسائل إعلام محلية، أُنفقت أكثر من 310 آلاف يورو على هذه التجارب.
وبعد تأخير فترة طويلة، بدأت التجارب الأولى لما يُطلق عليه المتخصصون «تلقيح السحب» فوق المدينة الضخمة، التي تضم 30 مليون نسمة، باستخدام طائرة صغيرة. وتتمثل هذه التقنية في تلقيح السحب بمادة كيميائية، مثل يوديد الفضة، لتوليد أمطار تُنظف الهواء من الجسيمات السامة، وفق الوكالة «فرانس برس».
لكن لم تكن الاختبارات الأولية التي تؤمن بها السلطات في العاصمة، وأُجريت تحت إشراف علماء من المعهد الهندي للتكنولوجيا في كانبور (شمال نيودلهي)، على مستوى التوقعات. وأشار العلماء إلى أنّ الغطاء السحابي كان غير كافٍ، وأن مستويات الرطوبة منخفضة جدا لتُحدث أمطارا غزيرة.
ولم يثنِ هذا الفشل المسؤول عن حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي في نيودلهي، فيريندرا ساشديفا، عن مواصلة التجربة. وقال في تصريح صحفي: «النجاح لا يتحقق دائما من المحاولة الأولى».
القضاء على مصادرتلوث الهواء
في السنوات الأخيرة، أظهرت الهند محاولات لا حدود لها في جهودها للحدّ من تلوث الهواء، مكثّفة إجراءات مكلفة أكثر من كونها فعّالة، بدءا من طائرات الرشّ المسيّرة وصولا إلى أبراج نشر الهواء المُصفّى.
ويغطّي أكبر مدينة في الهند ضباب دخاني سام ناتج عن المصانع وحركة السيارات، ويتفاقم كل شتاء بسبب الدخان الناجم من حرق النفايات الزراعية في المناطق المحيطة. والخميس، ارتفعت مستويات الجزيئات العالقة الملوثة «بي إم 2.5» (PM2.5)، وهي جسيمات دقيقة وخطيرة تدخل مجرى الدم، إلى أكثر بعشرين مرة من الحد الأقصى اليومي الذي توصي منظمة الصحة العالمية بعدم تجاوزه.
وأشارت دراسة، نُشرت العام الماضي في مجلة «ذي لانسيت» الطبية، إلى أن 3.8 مليون هندي قضوا بسبب تلوث الهواء بين عامي 2009 و2019.
من جهتها، تعتبر الناشطة البيئية بهافرين كاندهاري أنّ عددا محدودا من العمليات بطائرة «سيسنا» لن يغيّر شيئا، وتقول: «لن نتمكن من السيطرة على تلوث الهواء إلا بالقضاء على مصادره». ويوضح موهان جورج من مركز العلوم والبيئة في نيودلهي: «ترتفع مستويات التلوث فور توقف المطر تقريبا. سبق أن لاحظنا هذه الظاهرة خلال موسم الرياح الموسمية».
تطبيق سيئ وغير مفيد
بينما يقول عالم المناخ دانييل فيزيوني من جامعة كورنيل الأميركية: «هذه التقنية لا تُسبب هطول أمطار في الأماكن التي لا توجد فيها رطوبة في الهواء، بل تُجبر الماء على التكثف في مكان دون آخر». ويضيف: «من الصعب معرفة مدى فعاليتها في حالات التلوث الشديد».
ابتُكرت تقنية تلقيح الغيوم في أربعينات القرن الماضي، واستُخدمت في دول مختلفة لتحفيز هطول الأمطار، وإزالة الضباب، أو مكافحة الجفاف، وكانت نتائجها متباينة جدا. ففي عام 2008، استخدمتها الصين لمنع هطول الأمطار على منشآت دورة الألعاب الأولمبية في بكين.
ويرى عالمان من المعهد الهندي للتكنولوجيا في نيودلهي أنّ هذه التقنية ليست سوى «حيلة جديدة». وكتب شهزاد غاني وكريشنا أتشوتاراو في جريدة «ذي هندو»: «إنها مثال واضح على سوء تطبيق العلم وتجاهل الأخلاق».
– «المستوى الخطر لتلوث الهواء» يدفع نيودلهي لإغلاق مدارسها
ويعتبران أنّ أسباب التلوث في نيودلهي معروفة جيدا، وكذلك حلول الحد منه: استخدام وقود أنظف، وإدارة أفضل للنفايات، وتطبيق أكثر صرامة لقوانين مكافحة التلوث. مع ذلك، بدلا من التركيز على هذه الأولويات، يمنح بعض الفاعلين في الأوساط العلمية، من باحثين ومستشارين ومؤسسات، مصداقيتهم لعرض مكلف لن يُعالج السبب الجذري للمشكلة، وفق العالِمَين.
