تحذيرات من تزايد معدلات الإصابة بـ«الكوليرا» في السودان

أحمد شعبان (الخرطوم، القاهرة)
يشهد السودان تفشياً متصاعداً لوباء «الكوليرا»، في ظل انهيار مراكز الرعاية الصحية، جراء النزاع الدائر في البلاد منذ أبريل 2023، مما يفاقم تداعيات الأزمة الإنسانية.
وكشفت منظمة «أطباء بلا حدود»، عن أن مدينة الدمازين، عاصمة إقليم النيل الأزرق، تشهد انتشاراً مقلقاً لوباء «الكوليرا»، حيث استقبلت فرقها الطبية 140 حالة إصابة خلال الفترة من 25 سبتمبر الماضي إلى 8 أكتوبر الجاري، مؤكدة أن المرض يشكل تهديداً خطيراً لحياة السكان.
وفي تقريره الأسبوعي، سجّل مركز عمليات الطوارئ الاتحادي، 951 حالة إصابة مؤكدة بـ«الكوليرا» في 15 ولاية، من بينها 34 حالة وفاة.
وأوضح نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، السفير صلاح حليمة، أن ما يشهده السودان من تفاقم للأزمات الإنسانية والصحية يعود بالدرجة الأولى إلى الحرب المستمرة في عدد من المناطق، مثل دارفور وجنوب كردفان، وهو ما حرم ملايين السكان من الحد الأدنى من مقومات الحياة، بما في ذلك الرعاية الصحية والمياه النظيفة والسكن الآمن.
وأشار حليمة، في تصريح لـ«الاتحاد»، إلى أن الحصار المفروض على ملايين الأشخاص أسهم في تفشي الأمراض والأوبئة، خاصة مع انعدام مياه الشرب النظيفة وانهيار شبكات الصرف الصحي، مما جعل وباء «الكوليرا» ينتشر بوتيرة متسارعة، في ظل عجز المنظمات الإنسانية عن إيصال المساعدات الطبية والوقائية إلى المناطق الأكثر تضرراً.
وقال الدبلوماسي المصري: «إن الجهود الإقليمية والدولية المبذولة، سواء من قبل الدول العربية أو الأمم المتحدة، تواجه تحديات كبيرة، أبرزها صعوبة الوصول إلى المناطق المنكوبة، وغياب التنسيق السياسي، إضافة إلى أن المبادرات الإنسانية الحالية تفتقر إلى إطار سياسي واضح يمكن أن يُمهد لحل شامل للأزمة السودانية».
وأضاف: «إن تزايد أعداد الإصابات والوفيات الناجمة عن (الكوليرا) يتطلب تحركاً دولياً أكثر شمولاً، بحيث لا يقتصر فقط على وقف إطلاق النار المؤقت أو تسهيل دخول مساعدات محدودة، بل يشمل الدفع نحو تسوية سياسية تفتح المجال أمام مرحلة جديدة من إعادة البناء والتعافي، خاصة في القطاعات الحيوية، مثل الصحة والتعليم والخدمات الأساسية».
وحذّر حليمة من خطورة الأوضاع المأساوية في مخيمات النزوح، التي تتعرض لاعتداءات وهجمات متكررة، مما يزيد من معاناة النازحين الذين يفتقرون إلى أبسط متطلبات الحياة، سواء الماء أو الغذاء أو الرعاية الصحية، فضلاً عن انتشار الأمراض والأوبئة بشكل خطير.
من جانبها، قالت الدكتورة نورهان شرارة، الباحثة في الشؤون السياسية والأفريقية، إن تفشي وباء «الكوليرا» في العديد من المناطق السودانية، يستوجب تحركاً فورياً لدعم البنية التحتية الصحية، عبر إنشاء مراكز علاج مؤقتة وتجهيزها بالمستلزمات الأساسية، وتدريب فرق صحية محلية للتعامل مع الإصابات واحتواء العدوى.
وأضافت شرارة في تصريح لـ«الاتحاد»: «إن معالجة تداعيات تفشي (الكوليرا) لا يمكن أن تتم بمعزل عن معالجة الأزمة السياسية، إذ إن استمرار النزاع المسلح يعني المزيد من الانهيار الصحي والغذائي والأمني»، مؤكدة أن التوصل إلى حل سياسي شامل يظل حجر الزاوية في استعادة الاستقرار، وإنقاذ ما تبقى من مؤسسات الدولة.
وشددت على ضرورة تكثيف الضغوط الإقليمية والدولية على أطراف النزاع، من أجل إنهاء الحرب وتغليب المصلحة الوطنية على الحسابات الفئوية والشخصية، مؤكدة أن مستقبل السودان مرهون بإرادة سياسية حقيقية، تضع حياة المواطن في المقام الأول.