اتفاق القرن: إعادة تشكيل الهوية الفلسطينية تحت ضغوط هائلة
في محاولة لتقويض الهوية الفلسطينية، جاء “اتفاق القرن” الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كخطوة تعتبر أكثر من مجرد بروتوكول، بل هي استئناف لمحاولات تقليص الصوت الفلسطيني. يظهر المشهد في فلسطين كأنه ساحة تجارب لما يُعرف بالخرائط الإمبراطورية، مما يطرح سؤالًا محوريًا: من يتحدث باسم الفلسطينيين؟ هل هي السلطة الفلسطينية المتعثرة، أم حركة حماس المحاصرة تحت ضغط الخيارات العسكرية والسياسية الصعبة؟
برزت حماس في مواجهة ضغوطات هائلة، حيث تسعى الخطة الأمريكية إلى إقصائها بتصويرها كعائق أمني، مما يهمش دور السلطة الفلسطينية، التي فقدت الكثير من وزنها السياسي. هذه الضغوط تعتبر تشير إلى دعوة للتخلي عن المبادئ الأساسية، مثل حق العودة والتمسك بالمقاومة، في مقابل اعتراف دولي مشروط. وفي ضوء ما قدمته حماس من وعود، يتساءل الكثير عن الكلفة التي ستتحملها الحركة نتيجة هذه الضغوط، ومدى تأثير ذلك على شرعيتها كحامية للرفض الشعبي.
على صعيدٍ أوسع، تعاني القضية الفلسطينية من وضع معقد حيث الانقسام الداخلي وضعف الشرعية يصعب الخيارات المتاحة. في الوقت ذاته، يتجلى تفكك الثقة في الإدارة الفلسطينية في الضفة، بينما يبقى الحصار في غزة عبئًا ثقيلًا على المواطن العادي. المعاناة الموجودة تضع الفلسطينيين في حالة من الإغتراب، حيث يجدون أنفسهم بعيدين عن المفاوضات، مما يفتح المجال لخارجية لتمثيلهم بطريقة شبه مفروضة.
في ظل تحول القضية الفلسطينية من محور اهتمام عربي إلى مسألة ثانوية، تزايد عدد الدول العربية التي تعقد علاقات مع إسرائيل مما يزيد الضغوط على حماس للاقتراب من مسارات التطبيع. وبذلك، يتضح أن الحركة محاطة بضغوط داخلية، إقليمية ودولية، ولديها عقبات كبيرة للعب دور رئيسي في التأثير على مستقبل القضية.
فبينما تتداخل الخطوط السياسية والإنسانية، يبقى السؤال الأكثر إلحاحًا: هل سيتنازل الفلسطينيون عن ثوابتهم تحت وطأة الضغوط الدولية؟ الواقع يظهر أن التاريخ يعكس قدرة الشعوب على الابتكار في مواجهة الأزمات. لكن الإجابة تتطلب حكمة فكرية وقيادية مفقودة في الساحة الفلسطينية اليوم.