دخلت الحكومة الفيدرالية الأمريكية في حالة إغلاق جديدة بعد فشل مجلس الشيوخ في تمرير قانون التمويل المؤقت، مما يعكس أزمة عميقة في النظام السياسي الأمريكي. هذه التوترات لا تقتصر فقط على التأثيرات الإدارية، بل تشير أيضاً إلى انقسام داخلي متزايد في أكبر اقتصاد على مستوى العالم.
تاريخياً، شهدت الولايات المتحدة إغلاقات مشابهة في أعوام 1995، 2013، و2019، لكن الوضع الحالي يُعتبر أكثر خطورة، حيث يصل الدين العام إلى 35 تريليون دولار ويزداد العجز الفيدرالي. وبحسب تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس، فإن كل أسبوع من الإغلاق يكلف الاقتصاد الأمريكي نحو 0.2% من الناتج المحلي الإجمالي.
هذا الإغلاق يؤثر بشكل مباشر على حوالي 750 ألف موظف، بالإضافة إلى تأخير برامج المساعدات الغذائية والزراعية، وهو ما يضر بالطبقات الوسطى والفقيرة. وفي الجانب المالي، اتجه المستثمرون نحو السندات والذهب كملاذات آمنة، في حين يتراجع أداء الشركات المرتبطة بالحكومة.
وتجدر الإشارة إلى التصريحات الرسمية التي تعكس القلق المتزايد من هذا الوضع، حيث حذر معهد بروكنغز من أن استمرار الإغلاق لمدة شهر قد يكبد الاقتصاد خسائر تتجاوز 70 مليار دولار. التاريخ يظهر أن الإغلاقات السابقة غالباً ما تنتهي بسبب الضغوط الاقتصادية والسياسية، ولكن الانقسام بين الحزبين يهدد بتمديد هذه الأزمة.
على الصعيد الدولي، يثير هذا الإغلاق التساؤلات حول التزام الولايات المتحدة بمسؤولياتها العالمية. في ظل هذه الفوضى، تتزايد فرص دول مثل الصين وروسيا لتحدي الهيمنة الأمريكية، حيث تُسارع بكين لتعزيز استخدام اليوان في التجارة العالمية كبديل محتمل للدولار.
بالمجمل، يظهر الإغلاق الحالي كأكثر من مجرد أزمة تمويل ظلمتها الظروف داخلياً، بل كرسالة تُبرز تآكل استقرار النظام السياسي الأمريكي في وجه التحديات المتزايدة، مما يفتح المجال أمام قوى جديدة لإعادة تشكيل النظام الدولي.