في وقت حساس تمرّ به منطقة الشرق الأوسط، عادت لهجة الإنذارات الحادة والمطالب القصوى لتتصدر المشهد بين إسرائيل وإيران، بعد أن دخل الطرفان في مرحلة جديدة من التصعيد غير المباشر.
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ثلاث شروط وصفها بأنها “غير قابلة للتفاوض” لمنع ما وصفه بهجوم محتمل على إيران. لكن طهران ردّت بلهجة صارمة، رافضة أي تنازل يطال برنامجها النووي أو الصاروخي، وسط تساؤلات متزايدة: هل نحن على أعتاب مواجهة مباشرة جديدة، أم أن الأمر لا يعدو كونه تصعيدًا تكتيكيًا يسبق مفاوضات غير تقليدية؟
ثلاثية نتنياهو
في خطاب مباشر يحمل نبرة تهديد واضحة، أعلن نتنياهو أن إسرائيل لن تقبل باستمرار ما أسماه “التهديد الإيراني”، معلنًا شروطه الثلاثة لوقف أي تصعيد:
- التخلي الكامل عن تخصيب اليورانيوم،
- وقف تطوير الصواريخ الباليستية أو تقييد مداها بما لا يتجاوز 300 ميل،
- ووقف دعم الجماعات المسلحة مثل حزب الله وحماس والحشد الشعبي.
واعتبر نتنياهو أن هذه الشروط تحظى بدعم أميركي صريح من الرئيس دونالد ترامب، مؤكدًا أن تل أبيب لن تتردد في استخدام القوة إذا لم تمتثل طهران لتلك المطالب.
طهران: لا تفاوض على الصواريخ ولا تراجع عن التخصيب
جاء الرد الإيراني سريعًا وعلى مستويات عدة، أعلن وزير الخارجية عباس عراقجي أن بلاده ليست مستعجلة لاستئناف المفاوضات، مشددًا على أن أي حوار محتمل يتطلب أولًا “ضمانات أمنية حقيقية” تمنع تكرار الهجمات الإسرائيلية.
أما المحلل السياسي الإيراني سعيد شاوردي، فأكد في تصريحات أن شروط نتنياهو ليست إلا “إعلان نوايا تصعيدية”، واصفًا إياها بـ”التعجيزية”.، وقال شاوردي: “التخلي عن التخصيب والصواريخ يعني تسليم أوراق القوة كلها للعدو، وهذا لن يحدث”، وأضاف أن البرنامج الصاروخي يشكل “العمود الفقري للردع الإيراني”، خاصة في ظل امتلاك إسرائيل أسطولًا من الطائرات المتقدمة ومنظومات هجومية متطورة.
التخصيب النووي.. عقدة الصراع المستمرة
لطالما شكل التخصيب النووي نقطة اشتعال دائمة في العلاقة المتوترة بين إسرائيل وإيران، ويُعتبر من أبرز الأسباب التي أدت لانهيار الاتفاق النووي السابق.
وأوضح شاوردي أن بلاده قد توافق على رقابة دولية صارمة، وربما خفض نسبة التخصيب إلى ما دون 5%، مع تثبيت كاميرات دائمة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن، التخلي الكامل عن التخصيب؟ “مستحيل”، بحسب تعبيره.
وأضاف أن إيران مستعدة لبحث وجود مراقبين أمريكيين داخل منشآتها النووية، شرط وجود حزمة شاملة تشمل رفع العقوبات، ومنع أي اعتداءات مستقبلية، وفتح المجال لشراكات اقتصادية مع الغرب.
الصواريخ: “خط أحمر لا يقبل المساومة”
ترفض طهران التعامل مع ملفها الصاروخي كموضوع تفاوضي، فبالنسبة لها، هو “سلاح البقاء” في وجه تفوق جوي إسرائيلي.
شاوردي يرى أن إيران لن تتنازل عن مدى صواريخها، لأن تقييدها يعني فتح البلاد أمام الضربات الإسرائيلية من دون قدرة على الرد، في ظل الفارق الكبير في القدرات الجوية.
وأشار إلى أن الحديث عن “القبة الحديدية” لا يقدم ضمانة لإسرائيل، فالصواريخ الأخيرة أظهرت قدرة على تجاوز هذه المنظومة، محذرًا من أن “أي حرب مقبلة ستكون أكثر دموية وأوسع نطاقًا”.