خرج فضل شاكر ليسأل سؤاله القديم الجديد: كيفك على فراقي؟ في وقت يتسابق فيه الصوت مع الصدى، سؤال لا يطرحه عاشق على حبيب فقط، بل يطرحه الفنان على جمهوره، يطرحه الإنسان على الحياة، والصوت على الصمت. يطرحه لابنه الذي غاب عنه لوقت طويل.
فضل شاكر، الصوت الذي غاب طويلًا، يعود من قلب عُزلته، لا ليبرر، بل ليُغنّي.
يغني من خلف الجدران، من مكان ضيّق حمل سعة وجعه، ومن بيت صار مسرحًا لذكرى لم تمُت.
يغنّي مع ابنه محمد، ليقول للعالم إن الصوت لا يُسجن، وإن الفن حين يُولد من الألم يلامس ما لا تبلغه الكلمات.
“كيفك على فراقي؟”
لم تكن مجرد أغنية، بل اعتراف طويل النَفَس، نُطق على مهل، كأنّ كل نغمة فيها تمسّ جُرحًا، وكل سطر فيها وُلد من وجع وخذلان.
في لحظة تسجيل بسيطة، ومن غير بهرجة، أطلق فضل شاكر الأغنية التي اخترقت الآذان إلى القلوب.
صوته بدا متعبًا… لكنه صادق.
وهو يسأل من بين السطور:
هل غيابي أراحك؟
هل افتقدتني كما افتقدت أنا نفسي؟
كيفك على فراقي؟
عاد “فضل” لا ليبدأ من جديد، بل ليكمل ما بدأه من قبل. أعاد رسم خط الرجوع، لا بالحكي، بل باللحن.
وتلك العودة ليست مجرد نشرة فنية، إنها رجعة حقيقية لواحد من الأصوات القليلة التي عرفها القلب قبل أن تعرِفها الأذن.
نجاح الأغنية لم يكن صدفة، بل نتيجة اشتياق، وحنين، ورغبة دفينة لدى جمهور لا زال يسأل عن صاحب “لو على قلبي” و”بدي حبك”. فجاءه الصوت، لا بكامل قوته، لكن بكامل صدقه.
وجاءت العودة خفيفة، مثل نسمة بعد خنقة، مثل رسالة وصلت متأخرة لكنها لم تفقد أثرها.
ورغم كل ما قيل، وما سيُقال، تبقى الأغنية شاهدة على أن الغياب لا يلغي الارتباط، وأن من غنّى “كيفك على فراقي؟” لم يُرد إجابة، بل أراد التذكير.
فإن كنت ممن غابوا، أو من اختاروا الصمت بدل السؤال، اسأل نفسك الآن، بصوت فضل شاكر:
كيفك على فراقي؟